قال ابن عرفة: وفي الآية حجة لمن قال: إن العقل ما خلا عن سمع قط لاقتضائها أنّه لولا ذهاب الفساد بالصلاح المرشد إلى اتباع أوامر الله ونواهيه لعمّ الكفر والفساد الأرض، فلو خلا العقل من سمع في زمن من الأزمان لهلك الخلق كلهم.
فقال: بعض الطلبة بمحضره: إنّما يتم هذا على أحد تفسيري ابن عطية.
فقال ابن عرفة: والآية دالة على أنّ الفساد هو الأصل والأكثر فيستفاد (منها) فيما إذا كنّا شككنا في صفته، واحتملت الصحة والفساد أنّها تحمل على الفساد كقولهم في فداء المسلمين من أيدي الكفار بالسلاح والكراع هل يجوز؟ وتغلب مصلحة استخلاص المسلمين منهم على مفسدة تقوي الكافرين بالسّلاح أو يمتنع؟ وكذلك إذا تترّس الكفار بالمسلمين هل يباح قتل الترس أم لا؟
قوله تعالى:{ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين} .
قال ابن عرفة: هذا احتراس وهو حجة لأهل السنة لأن ما قبلها تضمّن أنّ الله تعالى يذهب الفاسد بالصالح فلو اقتصر عليه لأوهم وجوب مراعاة الأصلح على الله تعالى فبين بهذه الآية أن ذلك محض تفضل من الله تعالى ولا يجب عليه شيء.