قال ابن عطية: ذكر النّقاش أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أتِىَ بصدقة فجاءه يهودي فقال: أعطني. فقال له عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«ليس لك من صدقة المسلمين شيء» فذهب اليهودي غير بعيد فنزلت الآية، فدعاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم أعطاه، ثم نسخ الله ذلك بقوله:{إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} قال ابن عرفة: هذا ليس بنسخ ولكن المتقدمين يطلقون عليه نسخا والمتأخرين يقولون: العام إن عمل به ثم ورد بعد ذلك خاص فهو نسخ له وإن ورد الخاص بعده وقبل العمل به فهو تخصيص لا نسخ.
قال ابن عطية: والهدى المنفي هو خلق الإيمان في قلوبهم، وأما الهدى الذي هو الدعاء إلى الإيمان فهو عليه.
قال ابن عرفة: أما خلق الهدى (فمنفي) معلوم بالضرورة لا يحتاج إلى نفيه، وأما الدعاء إلى الإيمان فغير منفي، ويبقى قسم ثالث وهو الدعاء المحصل للإيمان الكسبي لا الجبري فيقال هديث فلانا إلى الإيمان، أي دعوته إليه فاهتدى بخلاف ما إذا دعوته إليه فلم يهتد فإنك لا تقول: هديته إلى الإيمان، فهذا هو المنفي في الآية، أي ليس مطلوبا بتحصيل الهداية الكسبية لهم إنّما عليك أن تدعوهم فقط، والإضافة على ما قلناه للمفعول. أي ليس عليك أن تهديهم.
قيل لابن عرفة: لعل المراد لا يجب عليك أن تهديهم إلى الإيمان؟ فرده بقول الله تعالى:{ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ} فَإِنَّه ليس المراد به الجبر على الإيمان بل خلق الهداية.