للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

* * * وفي " ص ١١ س ١٦ " وأنشد أبو علي - رحمه الله -:

كأنّما وَجْهُكَ ظلٌّ من حَجَرْ ... خَضِلٌ في يوم ريح ومَطَرْ

وأنت كالأَفْعَى التي لاَ تَحْتَفرْ ... ثم تَجِي سَادِرَةً فَتَنْجَحِرْ

قوله: " خضل في يوم ريح ومطر " غير صحيح الوزن، وإنما هو: " ذو خضل في يوم ريح ومطر " كذلك أنشده الرواة؛ وأنشده ابن الأعرابي لأعرابي من بني فزارة قال:

أَقْسِم لاَ تَأْخُذُ حَقِّي يَا وَزَرْ ... ظُلْماً وعند اللهِ في الظُّلْم الغِيَرْ

كأنّما وجْهُكَ ظِلٌّ من حَجَرْ ... اِبْتَلَّ في يوم طِلالٍ ومَطَرْ

قال ابن الأعرابي: ظل كل شيء شخصه. والحجر إذا ضربته الأمطار بان سواده. فيقول: كأن سواد وجهك سواد هذا الحجر. وقال القتيبي - وقد أنشد هذا الرجز - يصف رجلا بالسواد وشبهه بظل الحجر دون غيره لكثافة ظله؛ قال ومثله قول الآخر:

سُوداً غَرابِيبَ كأظلال الحجَرْ

وقال آخر في وصف شاة:

كأن ظِلَّ حَجَرٍ صُغْرَاهُما

وأنشد أبو عثمان الأشنانداني - رحمه الله -:

وجاءتْ بنو ذُهْلٍ كأنّ وجوههم ... إذا حَسَرُوا عنها ظِلالُ صُخُورِ

فهذا كله ذمٌّ وكناية عن سواد الوجه. وقد يأتي مدحاً على تأويل آخر< كما قالت الأعرابية تصف زوجها: هو ليث عرينةٍ، وجمل ظعينة؛ وجوار بحر، وظل صخر، فهذا مدح كما ترى وصفته بظل الصخر لبرده وكثافته؛ فكأن المُتفيئ ذراه لا يناله حر كريهة ولا أذى خطب.

<<  <   >  >>