للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأبي طَلْحَة من أم سليم فَقَالَت لأَهله لَا تحدثُوا أَبَا طَلْحَة حَتَّى أكون أَنا أحدثه فجَاء أَبُو طَلْحَة فقربت إِلَيْهِ عشَاء فَأكل وَشرب ثمَّ تصنعت لَهُ أحسن مَا كَانَت تتصنع قبل ذَلِك فَوَقع بهَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنه قد شبع وَأصَاب مِنْهَا قَالَت يَا أَبَا طَلْحَة أَرَأَيْت لَو أَن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بَيت فطلبوا عاريتهم ألهم أَن يمنعوهم قَالَ لَا قَالَت أم سليم فاحتسب ابْنك قَالَ فَغَضب أَبُو طَلْحَة فَقَالَ تَرَكتنِي حَتَّى إِذا تلطخت أخبرتيني بِابْني وَالله لَا تغلبيني على الصَّبْر فَانْطَلق حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبره بِمَا كَانَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَارك الله لَكمَا فِي ليلتكما فَذكر الحَدِيث وَفِي الحَدِيث مَا أعطي أحد عَطاء خيراً وأوسع من الصَّبْر وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ للأشعث بن قيس إِنَّك إِن صبرت إِيمَانًا واحتساباً وَإِلَّا سلوت كَمَا تسلو الْبَهَائِم وَكتب حَكِيم إِلَى رجل قد أُصِيب بمصيبة إِنَّك قد ذهب مِنْك مَا رزئت بِهِ فَلَا يذْهبن عَنْك مَا عرضت عَنهُ وَهُوَ الْأجر وَقَالَ آخر الْعَاقِل يصنع أول يَوْم من أَيَّام الْمُصِيبَة مَا يَفْعَله الْجَاهِل بعد خَمْسَة أَيَّام قلت قد علم أَن ممر الزَّمَان يسلي الْمُصَاب فَلذَلِك أَمر الشَّارِع بِالصبرِ عِنْد الصدمة الأولى وَبلغ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي رَحمَه الله مَاتَ لَهُ ابْن فجزع عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن جزعاً شَدِيدا فَبعث إِلَيْهِ الشَّافِعِي رَحمَه الله يَقُول يَا أخي عز نَفسك بِمَا تعزي بِهِ غَيْرك واستقبح من فعلك مَا تستقبحه من فعل غَيْرك وَاعْلَم أَن أمضى المصائب فقد سرُور وحرمان أجر فَكيف إِذا اجْتمعَا مَعَ اكْتِسَاب وزر فَتَنَاول حظك يَا أخي إِذا قرب مِنْك قبل أَن تطلبه وَقد نأى عَنْك ألهمك الله عِنْد المصائب صبراً وأحرز لنا وَلَك بِالصبرِ أجراً وَكتب إِلَيْهِ يَقُول

إِنِّي معزيك لَا أَنِّي على ثِقَة

من الْحَيَاة وَلَكِن سنة الدين ... فَمَا المعزي بباق بعد ميته

وَلَا المعزى وَلَو عاشا إِلَى حِين

<<  <   >  >>