وقف على دَلِيل لم اقف عَلَيْهِ وَلم أهتد اليه وَلَا يعلم الْمِسْكِين ان هَذَا مُقَابل بِمثلِهِ ويفضل لخصمه مَا ذكره من الدَّلِيل الْوَاضِح والبرهان اللائح فسبحان الله مَا أَكثر من أعمى التَّقْلِيد بَصَره حَتَّى حمله على مثل مَا ذكرته وفقنا الله تَعَالَى لاتباع الْحق ايْنَ مَا كَانَ وعَلى لِسَان من ظهر واين هَذَا من مناظرة السّلف ومشاورتهم فِي الاحكام ومسارعتهم إِلَى إتباع الْحق إِذا ظهر دَلِيل على لِسَان الْخصم وَقد نقل عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ مَا ناظرت أحدا إِلَّا قلت اللَّهُمَّ اجْرِ الْحق على قلبه وَلسَانه فان كَانَ الْحق معي اتبعني وان كَانَ الْحق مَعَه اتبعته انْتهى كَلَام الامام الْمُتَّفق على دينه وَعلمه الَّذِي قَالَ فِيهِ الامام ابْن عَرَفَة الْمَالِكِي لَا ينْعَقد للْمُسلمين اجماع بِدُونِ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام
وَقَالَ أَيْضا فِي قَوَاعِده وَلَو اجْتهد الْمُجْتَهد فِي حكم شَرْعِي ثمَّ بَان كذب ظَنّه فَإِن تبين ذَلِك بِظَنّ يُسَاوِيه أَو يتَرَجَّح عَلَيْهِ ادنى رُجْحَان فَإِن تعلق بِهِ حكم لم ينْتَقض حكمه وَبنى على اجْتِهَاده الثَّانِي فِيمَا عدا الاحكام المبنية على الِاجْتِهَاد الأول وَإِن تبَاعد المأخذان بِحَيْثُ تبعد إِصَابَته فِي الظَّن الأول نقض حكمه مثل أَن يكون اجْتِهَاده الأول مُخَالفا لنَصّ كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس جلي أَو للقواعد الْكُلية فانه ينْقض حكمه وَإِن لم يتَعَلَّق بِهِ حكم بنى على مَا أدّى اليه اجْتِهَاده ثَانِيًا إِلَّا أَن يَسْتَوِي الظنان فَيجب التَّوَقُّف على الْأَصَح انْتهى
وَقَالَ أَيْضا إِنِّي لَا أعتقد أَن أحدا من الْمُجْتَهدين انْفَرد بِالصَّوَابِ فِي كل مَا خُولِفَ فِيهِ أَكثر من خطاه بِالنِّسْبَةِ الى كل مَا خَالفه وَالشَّرْع ميزَان يُوزن بِهِ الرِّجَال والأقوال والأعمال والمعارف وَالْأَحْوَال فَمن رَجحه ميزَان الشَّرْع فَهُوَ أرجح وَلَا إِثْم على أحد من المخطئين إِذا قَامَ بِمَا أوجب الله عَلَيْهِ من الْمُبَالغَة فِي الِاجْتِهَاد وَفِي تَعْرِيف الاحكام لِأَنَّهُ أدّى مَا عَلَيْهِ فَمن أصَاب الْحق مِنْهُم أجر أَجْرَيْنِ أَحدهمَا على إجتهاده وَالثَّانِي على صَوَابه وَمن أَخطَأ بعد بذل الْجهد عُفيَ عَن خطأه وَأجر على قَصده على الصَّوَاب فِي مُقَدمَات اجْتِهَاده وَلَقَد أَفْلح من قَالَ بِمَا أَجمعُوا على وُجُوبه واجتنب مَا أَجمعُوا على تَحْرِيمه واستباح مَا أَجمعُوا على استباحته وَفعل مَا أَجمعُوا على اباحته واجتنب مَا اجْمَعُوا على كَرَاهَته وَمن أَخذ بِمَا اخْتلفُوا فِيهِ فَلهُ حالان أح على كَرَاهَته وَمن أَخذ بِمَا اخْتلفُوا فِيهِ فَلهُ حالان أَحدهمَا أَن يكون الْمُخْتَلف فِيهِ مِمَّا ينْقض الحكم بِهِ فَهَذَا لَا سَبِيل الى التَّقْلِيد فِيهِ لِأَنَّهُ خطأ مَحْض وَمَا حكم فِيهِ بِالنَّقْضِ الا لكَونه خطأ بَعيدا من نفس الشَّرْع وماخذه ورعاية حكمه الْحَالة الثَّانِيَة أَن يكون مِمَّا لَا ينْقض الحكم بِهِ فَلَا بَأْس بِفِعْلِهِ وَلَا بِتَرْكِهِ إِذا قلد فِيهِ بعض الْعلمَاء لِأَن النَّاس لم يزَالُوا على ذَلِك يسْأَلُون من اتّفق من غير تَقْيِيد وَلَا انكار على أحد من السَّائِلين الى أَن ظَهرت هَذِه الْمذَاهب ومتعصبوها من المقلدين فَإِن أحدهم يتبع امامه مَعَ بعد مذْهبه عَن الْأَدِلَّة مُقَلدًا لَهُ فِيمَا قَالَ كَأَنَّهُ نَبِي أرسل اليه وَهَذَا ناء عَن الْحق وبعيد عَن الصَّوَاب لَا يرضى بِهِ أحد من أولي