حَبِيبِي ومستأنس بِهِ
ويروى أَن إِبْرَاهِيم بن أدهم دخل على بعض الْعباد يعودهُ فَوَجَدَهُ فِي الْمَوْت أَو فِي مُقَدمَات الْمَوْت فَجعل العابد يتنفس ويتأسف فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم علام تتأسف رَحِمك الله فَقَالَ مَا تأسفي على النقلَة من دَار الدُّنْيَا دَار الأحزان والأسقام والخطايا والذنُوب وَلَكِن أسفي على يَوْم أفطرته أَو لَيْلَة نمتها أَو سَاعَة غفلت عَن ذكر الله فِيهَا وَلَكِن يَا أخي إِن وَقع فِي هَذَا تَقْصِير فَلم يَقع فِي التَّوْحِيد تَقْصِير مَا عبدت سواهُ وَلَا وحدت غَيره وَلَا سكن فِي قلبِي محبَّة شَيْء إِلَّا محبته
وَدخل الْمُزنِيّ على الشَّافِعِي رحمهمَا الله فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ كَيفَ أَصبَحت يَا أَبَا عبد الله فَقَالَ أَصبَحت من الدُّنْيَا راحلا وللإخوان مفارقا ولسيء عَمَلي ملاقيا ولكأس الْمنية شاربا وعَلى رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى واردا وَلَا أَدْرِي روحي للجنة فأهنيها أَو للنار فأعزيها ثمَّ أنْشد
وَلما قسا قلبِي وَضَاقَتْ مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذَنبي فَلَمَّا قرنته ... بعفوك رَبِّي كَانَ عفوك أعظما
فَمَا زلت ذَا عَفْو عَن الذَّنب لم تزل ... تجود وَتَعْفُو مِنْهُ وتكرما
فلولاك لم يغو بإبليس عايد ... وَكَيف وَقد أغوى صفيك آدما
وَقَالَ عَطاء بن يسَار رَحمَه الله تَعَالَى تبدى إِبْلِيس لَعنه الله لعابد عِنْد الْمَوْت فَقَالَ لَهُ نجوت يَا هَذَا فَقَالَ مَا أمنتك بعد
وَلما حضرت الْحسن بن هَانِئ الْوَفَاة أنْشد
دب فِي السقام سفلا وعلوا ... وَأرَانِي أَمُوت عضوا فعضوا
لَيْسَ من سَاعَة مَضَت بِي إِلَّا ... نَقَصْتنِي بمرها بِي جزوا
لهف نَفسِي على لَيَال وأيا ... م قضيتهن لعبا ولهوا
قد أَسَأْت كل الْإِسَاءَة فال ... لَهُم صفحا وغفرانا وعفوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute