للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا وَمن أفقكم حياها ... تسكب فَوق الْأَنَام سكبا

فَاغْفِر إلهي ذنُوب عبد ... تبت يَدَاهُ بِهن تَبًّا

إِن لم ينل من رضاك حظا ... وَلم يصب من جداك شربا

فَالْحَمْد فِي ذاكم وَفِي ذَا ... نَالَ أجاجا أَو نَالَ عذبا

قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لبَعض جُلَسَائِهِ يَا فلَان لقد أرقت البارحة تفكرا فِي الْقَبْر وساكنه أَنَّك لَو رَأَيْت الْمَيِّت فِي قَبره بعد ثَلَاث لاستوحشت مِنْهُ بعد طول الْأنس بِهِ ولرأيت بَيْتا تجول فِيهِ الْهَوَام وَيجْرِي فِيهِ الصديد وتخترقه الديدان مَعَ تغير الرّيح وتقطع الأكفان وَكَانَ ذَلِك بعد حسن الْهَيْئَة وَطيب الرّيح ونقاء الثَّوْب ثمَّ شهق شهقة ثمَّ خر مغشيا عَلَيْهِ

حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا العلائي قَالَ أخبرنَا معدي بن سَابق البهدلي قَالَ بلغنَا أَن عمر بن عبد الْعَزِيز شيع جَنَازَة فَلَمَّا انصرفوا تَأَخّر عمر عَنْهَا وَأَصْحَابه فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنْت لم تَأَخَّرت عَنْهَا وتركتها فَقَالَ نعم ناداني الْقَبْر من خَلْفي يَا عمر بن عبد الْعَزِيز ألم تَسْأَلنِي مَا صنعت بالأحبة قلت بلَى قَالَ خرقت الأكفان ومزقت الْأَبدَان ومصصت الدَّم وأكلت اللَّحْم أَلا تَسْأَلنِي مَا صنعت بالأوصال قلت بلَى قَالَ نزعت الْكَفَّيْنِ من الكوعين وَكَذَلِكَ الفخذين من الرُّكْبَتَيْنِ والركبتين من السَّاقَيْن والساقين من الْقَدَمَيْنِ

ثمَّ بَكَى عمر وَقَالَ أَلا إِن الدُّنْيَا بَقَاؤُهَا قَلِيل وعزيزها ذليل وغنيها فَقير شابها يهرم وحيها يَمُوت وَلَا يغركم إقبالها مَعَ معرفتكم بِسُرْعَة إدبارها والمغرور من اغْترَّ بهَا أَيْن سكانها الَّذين بنوا مرابعها وشققوا أنهارها وغرسوا أشجارها وَأَقَامُوا فِيهَا أَيَّامًا يسيرَة وغرتهم بصحبتهم وغروا بنشاطهم فَرَكبُوا الْمعاصِي إِنَّهُم كَانُوا وَالله فِي الدُّنْيَا مغبوطين بِالْمَالِ على كَثْرَة الْمَنْع عَلَيْهِ محسودين على جمعه مَا صنع التُّرَاب بأبدانهم والرمل بأجسامهم والديدان بعظامهم وأوصالهم وَإِذا مَرَرْت فنادهم إِن كنت مناديا وادعهم إِن كنت لَا بُد

<<  <   >  >>