للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو الْفَتْح سَأَلته وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ مَا وَجه التُّهْمَة فِي هَذَا الْمَوْضُوع قَالَ أَن يَظُنُّوا بِي جزعا الْمَعْنى يُرِيد لَا يتهمني الْأَعْدَاء بالخوف من الردي والجزع من الْفِرَاق فَإِنِّي قد اعْتدت ذوق المرارات فَلَا أستمرها فقد حلالي أمرهَا وَمن اعْتَادَ ذوق العلاقم حلا لَهُ العلاقم ورعيت الردي يُرِيد أَسبَاب الردى وَالْمعْنَى لَا أجزع من الْفِرَاق وَإِن عظم أمره واشتدت مرارته لِأَنِّي اعْتدت ذَلِك كَقَوْل الآخر

(وَفارَقْتُ حَتى لَا أُبالي مِنَ النَّوَى ... وَإنْ بانَ جِيرَانٌ عَلىِّ كِرامُ)

وَقَالَ المؤرخ

(رُوّعْتُ بالْبَيْنِ حَتى مَا أُراعُ لَهُ ... وَبالمَصائبِ فِي أهْلِي وَجِيراني)

وَهَذَا من قَول الخزيمي

(لَقَدْ وَقَرَتَنْي الحَادِثاتُ فَما أُرَى ... لنازِلَةٍ مِنْ رَيْبِها أتَوَجَّعُ)

وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من قَول أَوْس بن حجر

(لَا تُجْزِعَنِّي بالفرَاقِ فَإنَّتي ... لَا تَسْتهِل مِنْ الفِرَاقِ شُئُوِنِي)

١٥ - الْغَرِيب أشب يشب فَهُوَ مشب وتوقاه حذره الْمَعْنى الَّذِي يجزع على فقد الشَّبَاب إِنَّمَا أشابه من أشبه فالشيب حضل مِمَّن عِنْده الشَّبَاب فَلَا سَبِيل إِلَى التوقي مِنْهُ لِأَن أمره بيد غَيره فَإِنَّمَا يهدم مَا بناه وَيَأْخُذ مَا أعطَاهُ قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن الرُّومِي

(تُضَعْضِعُهُ الأوْقاتُ وَهْيَ بَقاؤُهُ ... وَتَغْتالُهُ الأقْوَاتُ وَهْيَ لَهُ طُعْمُ)

(إذَا مَا رَأيْتَ الشَّيْءَ يُبْلِيه عُمْرُهُ ... وَيُفْنِيِهِ أنْ يَبْقَى فَفي دَائِهِ عُقْمُ)

الضَّمِير فِي توقيه للباكي وَفِي بانيه وهادمه للشباب

١٦ - الْمَعْنى يَقُول قَالَ الواحدي تَمام الْعَيْش هُوَ الصِّبَا أَولا ثمَّ مَا يتعقبه من بُلُوغ الأشد حَتَّى يكون يافعا مترعرعا إِلَى أَن يخْتَلف إِلَى عارضيه لونا بَيَاض وَسَوَاد وغائب لون العارضين هُوَ الْبيَاض والقادم هُوَ السوَاد السَّابِق إِلَى الْعَارِض وَيجوز أَن يكون غَائِب لون العارضين لون الْبشرَة حَتَّى يغيب عَنْهُمَا سَواد الشّعْر وبياضه والقادم هُوَ لون الشّعْر من بَيَاض وَسَوَاد وَيجوز أَن يُرِيد بالقادم الشيب من قدم يقدم إِذا ورد وبالغائب السوَاد الَّذِي غَابَ بقدوم الْبيَاض وَيجوز أَن يُرِيد بالغائب لون جلد الْعَارِض الْمُسْتَتر بالشعر وبالقادم سَواد الشّعْر النَّابِت وَهَذَا هُوَ الأولى لِأَنَّهُ يَجْعَل تَمام الْعَيْش أَن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>