للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَكَأَنَّهَا من عديد حشمه فَإِذا رمي عسكرا بخيله وطيره أهلكه وَهُوَ من قَول النَّابِغَة

(إِذا مَا غَزَوْا فِي الجَيْشِ حَلِّقَ فْوقَهمْ ... عَصائِبُ طَيرٍ تَهْتَد بعَصائِبِ)

وَقَالَ ابْن وَكِيع لَا ادري كَيفَ خص الجماجم بِالْبَقَاءِ دون سَائِر الْعِظَام وَلَا أعرف للخيل فِي هَذَا معنى بل للطير لِأَنَّهَا لَا تَأْكُل عِظَام الْمَوْتَى وَذَلِكَ أَن الْخَيل إِذا حملت من عَلَيْهَا أهلكوا من وقف وَالطير تاكلهم فَلَا تدع إِلَّا الْعِظَام للوحش وَخص الجماجم من بَين الْعِظَام لِأَنَّهَا اكبر عظم فِي الْإِنْسَان وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى إِنَّهُم كَانُوا يقتلُون وَيَأْسِرُونَ فَكَانُوا يَأْخُذُونَ رُؤُوس الْقَتْلَى يجعلونها فِي أَعْنَاق الأساري فَلهَذَا لم تبْق إِلَّا الجماجم

٢٨ - الْغَرِيب الأجلة جمع جلّ والملاغم مَا حول الْفَم الْوَاحِد ملغم وملغمت الْمَرْأَة إِذا تطيبت حول الْفَم وَقيل لأعرابي مَتى الْمسير فَقَالَ تلغموا بِيَوْم السبت أَي اُذْكُرُوهُ يَوْم السبت يُرِيد حركوا ملاغمكم بِذكر السبت كَمَا تَقول تفوهوا الْمَعْنى يُرِيد أَن أجلة خيله ثِيَاب من طَغى عَلَيْهِ وَخَالفهُ وموطئها من كل من بغي عَلَيْهِ وَجهه وَهَذَا مُبَالغَة وَلَا تتمّ هَذِه الصّفة إِلَّا بعد الإمعان فِي قَتلهمْ وبلوغ الْغَايَة من الظُّهُور عَلَيْهِم

٢٩ - الْإِعْرَاب أَرَادَ تغير فِيهِ فَحذف الظّرْف وأوصل الْفِعْل كَقَوْل الراجز

(قَدْ صُبِحَتْ بِصَبْحِها السًّلامُ ... بِكَبدِ يَتْبَعُها سنامُ)

(فِي ساعةٍ يُحيبُّها الطَّعامُ ... )

يُرِيد يحب فِيهَا وكقولهم أَقمت ثَلَاثًا مَا أذوقهن طَعَاما أَي أذواق فِيهِنَّ وَالضَّمِير فِي تزاحمه مفعول بِهِ وَلَيْسَت فِي معنى تزاحم فِيهِ لِأَنَّهُ يتَعَدَّى بِنَفسِهِ الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يُغير عِنْد الصُّبْح وَهُوَ عَادَة الْعَرَب فِي غاراتها لليغفلوا الْقَوْم وَكَانُوا يَقُولُونَ عِنْد الْغَارة واصباحاه فَيَقُول قد مل الصُّبْح وسئم وضجر مِمَّا تغير فِيهِ وَكَذَا اللَّيْل من مزاحمتك هُوَ أَنَّك تبلغ كل مَوضِع يبلغهُ اللَّيْل وَقَالَ الواحدي تغير وتزاحمه يجوز أَن يكون للخطاب وَيجوز أَن يكون للخيل وَقيل فِي معنى الْبَيْت تغيره تحمله على الْغيرَة بِمَا يزِيد على بياضه بريق أسلحتك وتزاحم اللَّيْل فتذهب ظلمته بضوء أسلحتك وَقَالَ ابْن الإفليلي تزاحم اللَّيْل بغبار خيلك فَكَأَنَّهُ ليل آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>