للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- الْمَعْنى قَالَ الواحدي ملت رماح الْأَعْدَاء من دقك أعاليها وملت سيوفك من ملاطمتك إِيَّاهَا والملاطمة الْمُقَاتلَة بالترس والمجن قَالَ وَيجوز أَن يُرِيد رماح عسكره وَسُيُوفهمْ على أَن يرفع الصُّدُور يَقُول رماحك من كَثْرَة مَا تدق صدورها أعداءك قد ملت وملت سيوفك من الشَّيْء الَّذِي تلاطمه لِكَثْرَة وقعها عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن وَكِيع الملاطمة لَا تكون إِلَّا بَين أثنين فَلَو قَالَ مَعَ تدق تلطم لَكَانَ أحسن فِي الصِّنَاعَة وَأحسن من هَذَا قَول الْقَائِل

(حَرَامٌ عَلى أرْماحِنا طَعْنُ مُدْبِرٍ ... وتَنْدَقُ مِنها فِي الصُّدُورِ صُدورهُا)

٣١ - الْغَرِيب العقبان جمع عِقَاب وَهُوَ طَائِر كَبِير مَعْرُوف من الْجَوَارِح وَأَنت السَّحَاب الثَّانِي وَذكر الْأَخير الأول وَذَلِكَ أَن كل جمع بَينه وَبَين واحده الْهَاء يجوز تذكيره وتأنيثه فَذكر الثَّانِي وَأَنت الأول أَخذ بالأمرين وَلَو قَالَ تَحْتَهُ لما تغير الْوَزْن وَيجوز أَن يكون التَّأْنِيث لجمع العقبان والصوارم جمع صارم وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع الْمَعْنى أَنه جعل الطير الَّتِي تطير فَوق عسكره سحابا وَجعل جَيْشه سحابا لما فِيهِ من بريق الأسلحة وصب الدِّمَاء وَصَوت الْأَبْطَال وَجعل الْأَسْفَل يسْقِي الْأَعْلَى إغرابا فِي الصَّنْعَة شبه العقبان بسحب يظل الجيوش ويزحف تحتهَا سَحَاب يُرِيد الْجَيْش إِذا استسقت العقبان بِطَلَب الدَّم سقتها صوارمه لِأَنَّهَا تقتل الْأَعْدَاء فَتَشرب العقبان دِمَاء الْقَتْلَى هَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي حرفا فحرفا انْتهى كَلَامهمَا وتعنت قوم على أبي الطّيب مِمَّن هُوَ مقصر فِي معرفَة تدقيق الْمعَانِي بأمرين أَحدهمَا قَالَ إِن السَّحَاب لَا يسْقِي مَا فَوْقه وَالْآخر أَن الطير لَا تستقي وَإِنَّمَا تستطعم أما إسقاء السَّحَاب مَا فَوْقه فَهُوَ الَّذِي أغرب بِهِ فَإِنَّهُ لم يَجْعَل الْجَيْش سحابا فِي الْحَقِيقَة فَيمْتَنع إسقائه لما فَوْقه وَإِنَّمَا أَقَامَهُ مقَام السَّحَاب لِأَنَّهُ طبق الأَرْض لكثرته وتزاحمه وغطاها كَمَا يُغطي السَّحَاب السَّمَاء وَقد فعلت الْعَرَب ذَلِك فِي أشعارها وَلما جعله يَسْتَسْقِي فيسقي مَعَ أَن الطير لَا تصيب من الْقَتْلَى مَا تصيبه وَهِي فِي الجو وَإِذا كَانَت تهبط إِلَى الأَرْض حَتَّى تقع على الْقَتْلَى فالسحاب الساقي عَال عَلَيْهَا وَأما استسقاء الطير فجار على عَادَة الْعَرَب فِي أشعارها فِي اسْتِعْمَال هَذِه اللَّفْظَة تَعْظِيمًا لقدر المَاء كَقَوْل عَلْقَمَة بن عَبده

(وَفِي كُلّ حَىّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمَة ... فَحَقّ لِشأسٍ مِنْ نَداَكَ ذَنُوبُ)

وَكَانَ ملك الشَّام قد أسر أَخَاهُ شأسأ فَبعث إِلَيْهِ بِهَذِهِ الأبيات يطْلب مِنْهُ أَن يفكه وأصل الذُّنُوب الدَّلْو الْعَظِيمَة إِذا كَانَ فِيهَا المَاء وَقد قَالَ رؤبة

<<  <  ج: ص:  >  >>