للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ١ - الْإِعْرَاب نصب بَيْننَا مَفْعُولا بِهِ لَا ظرفا وَالضَّمِير فى جنده للبين الْمَعْنى أحب من الْأَيَّام أَن تنصف وَتجمع بينى وَبَين من أحب وَهَذَا مَا لَا تحبه الْأَيَّام وأشكو إِلَيْهَا الْفِرَاق وهى الَّتِى حتمت بالبين فَكيف تشكينى وَالْأَيَّام جند الْفِرَاق لِأَنَّهَا سَبَب الْبعد والتفريق وَالزَّمَان هُوَ الذى حتم بِالْعَبدِ بَيْننَا

٢ - الْإِعْرَاب وَصله وصده معطوفان على الضَّمِير فى يجتمعن من غير توكيد وَهُوَ جَائِز عندنَا وَقد بَيناهُ عِنْد قَوْله

(مضى وَبَنوهُ وانفردت بفضلهم ... )

وَذكرنَا حجتنا وَحجَّة الْبَصرِيين الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَت الْأَيَّام تبَاعد منا الْحبّ المواصل لنا فَكيف تقرب الْحبّ الْقَاطِع الهاجر لنا وَجعل الْأَيَّام تَجْتَمِع مَعَ الْوَصْل والصد لِأَنَّهُمَا يكونَانِ فِيهَا والظرف مُتَضَمّن للْفِعْل فَإِذا تضمنه فقد لابسه فَكَأَنَّهُ اجْتمع مَعَه وَالْمعْنَى الْأَيَّام تبَاعد عَنى حبيبا وَوَصله مَوْجُود فَكيف أطمع فى حبيب صده مَوْجُود

٣ - الْمَعْنى خلق الدُّنْيَا يَأْبَى أَن تديم حبيبا فَكيف نطلب مِنْهَا شَيْئا ترده علينا قَالَ أَبُو الْفَتْح إِذا كَانَ مَا فى يدك لَا يبْقى عَلَيْك فَمَا قد مضى أبعد من الرُّجُوع إِلَيْك وَقَالَ الواحدى الدُّنْيَا قد أَبَت أَن تديم لنا على الْوِصَال حبيبا فَكيف أطلب مِنْهَا حبيبا تَمنعهُ عَن وصالنا أَو كَيفَ أطلب مِنْهَا أَن ترده إِلَى الْوِصَال وَهَذَا كَمَا قيل لبَعْضهِم قد ظهر نبى يحيى الْأَمْوَات فَقَالَ مَا نُرِيد هَذَا بل نُرِيد أَن يتْرك الْأَحْيَاء فَلَا يميتهم

٤ - الْمَعْنى يَقُول الدُّنْيَا لَو ساعفتنا بِقرب أحبتنا لما دَامَ ذَلِك لنا لِأَنَّهَا بنيت على التَّغَيُّر والتنقيل فَإِذا فعلت غير ذَلِك كَانَت كمن تكلّف شَيْئا هُوَ ضد طباعه فيدعه عَن قريب وَيعود إِلَى طبعه وَهَذَا كَقَوْل الْأَعْوَر

(ومَن يقترف خُلْقا سِوَى خُلْق نَفْسِهِ ... يَدَعْهُ وتغْلِبه عَلَيْهِ الطَّبائعُ)

(وأدْوَمُ أخْلاقِ الفَتى مَا نَشابِهِ ... وأقْصَرُ أفْعالِ الرّجالِ البَدَائِعُ)

وكقول حَاتِم

(ومَن يبْتدِعْ مَا ليسَ مِن خِيمِ نفسِه ... يَدَعْه ويغلِبْهُ على النَّفْسِ خِيمُها)

وكقول إِبْرَاهِيم بن المهدى

(من تحلى شِيمَة لَيست لَهُ ... فارقته وأقامت شيمه)

(يَأيُّها المُتَحَلِّى غيرَ شِيمَتِه ... إنَّ التَّخلُّقَ يأتى دونه الخُلُقْ)

وأصل هَذَا كُله من كَلَام الْحَكِيم تغير الْأَفْعَال الَّتِى هى غير مطبوعة أَشد انقلابا من الرّيح الهبوب وَأحسن أَبُو الطّيب بقوله

(فى طباعك ضِدّه ... )

كل الْحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>