للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاختلط الدمعان فهن يبدين الدَّلال مَعَ الْحزن والذلة مَعَ الْحسن وَهَذَا من أبدع الْمعَانِي وَلَو لم يكن لَهُ فِي ديوانه إِلَّا هَذَا لكفاه

٣٤ - الْمَعْنى يَقُول لَو أَن نسَاء الْعَالم كهذه المفقودة فِي الْكَمَال والعفاف لفضلن على الرِّجَال قَالَ ابْن وَكِيع ينظر إِلَى قَول عَليّ بن الجهم

(إذَا مَا عُدَّ مِثْلُكُمُ رِجالاً ... فَمَا فَضْلُ الرِّجال عَلى النِّساءِ)

٣٥ - الْإِعْرَاب من روى عيب وفخر بِالرَّفْع جعل مَا تميمية وَمن نصبهما جعلهَا حجازية وَهِي بِمَعْنى لَيْسَ وَجَاء الْقُرْآن بالحجازية فِي قَوْله {مَا هَذَا بشرا} وَفِي قَوْله {مَا هن أمهاتهم} فِي قِرَاءَة الْجَمَاعَة وَقَرَأَ الْأَعْمَش عَن عَاصِم بِالرَّفْع الْمَعْنى يَقُول رب تَأْنِيث يقصر التَّذْكِير عَنهُ وَلَا يبلغ مبلغه وَلَا ينَال مَوْضِعه ثمَّ بَين ذَلِك بِأَن الشَّمْس مُؤَنّثَة وَالْفضل لَهَا وَالْقَمَر مُذَكّر وَلَيْسَ يعدل بهَا احْتج لتفضيل الْمَرْأَة على الرجل بِحجَّة لم يسْبق إِلَيْهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن الشَّمْس مُؤَنّثَة وَهِي النُّور الَّذِي يزْعم بعض النَّاس أَنَّهَا تنير فِي السَّمَاء كَمَا تنير فِي الأَرْض وَوصف الْهلَال بالتذكير وَهُوَ كثير التنقل ويصيبه المحاق فَجعل ذَلِك كالنقص فِيهِ وَمثله للْآخر

(والشَّمْسُ لَيْسَ بضَائِرٍ تَأْنِيثُها ... وَتَزيدُ بالنُّور المُنِير عَلى القَمَرْ)

٣٦ - الْمَعْنى يَقُول أعظم المفقودين فجعة وأجلهم مُصِيبَة من فقد مِثَاله قبل فَقده وَعدم نَظِيره قبل مَوته والمفقودة كَذَلِك لِأَنَّهَا لم يماثلها أحد فِي فضائلها مُدَّة حَيَاتهَا فعظمت الفجعة بهَا عِنْد مماتها فَإِن من وجد لَهُ نَظِير يتسلى عَنهُ

٣٧ - الْغَرِيب يُرِيد الْأَوَائِل وَلكنه قلب وَهُوَ كثير فِي أشعارهم أنْشد سِيبَوَيْهٍ

(تَكادُ أوَالِيها تَفَرَّى جُلُودُها ... وَيَكْتَحِلُ التَّالي بَمُورٍ وَحاصِبِ)

الْمَعْنى ندفن الْأَمْوَات ونمشي على رُؤْسهمْ بعد مَوْتهمْ وَالْمعْنَى أَن الْإِنْسَان مطبوع على المساوة مجبول على الْأَعْرَاض عَن الرزية والحي يدْفن الْمَيِّت وَالْآخر يطَأ قبر الأول فَلَا يَنْفَكّ من فقد وَدفن وَلَا يعْتَبر بِمن يدْفن بل يمشي على قُبُورهم وَهُوَ من قَول قس بن سَاعِدَة

<<  <  ج: ص:  >  >>