للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح يتَجَنَّب الْبُخْل كَمَا يتَجَنَّب الشجاع الْجُبْن ويتجنب الْجُبْن كَمَا يتَجَنَّب الْكَرِيم الْبُخْل قد جمع الشجَاعَة وَالْكَرم وَقَالَ أَبُو الْفضل لَيْسَ كَمَا ذهب إِلَيْهِ وَلكنه يَقُول الشجاع يعد الْبُخْل جبنا لِأَن الْبُخْل مَعْنَاهُ خوف الْفقر وَالْخَوْف جبن والشجاع لَا بجبن والجواد يعد الْجُبْن بخلا لِأَن معنى الْجُبْن وَحَقِيقَته الْبُخْل بِالروحِ والجواد لَا يبخل فَإِذا هُوَ شُجَاع غير بخيل وجواد غير جبان قَالَ وَقد أَخذه من قَول أبي تَمام

(فإذَا رأيْتَ أَبَا يَزيدٍ فِي نَدّى ... وَوَغّى وَمُبْديَ غارَةٍ وَمُعيداً)

(يَقْرِى مُرَجِّيَه حُشاشَةَ مالِهِ ... وَشَبا الأسِنَّةِ ثَغْرَةً وَوَرِيداً)

(أيْقَنْتَ أنَّ مِنَ السَّماحِ شَجاعَةً ... تُدمي وأنَّ مِنَ الشَّجاعَةِ جوداً)

وَهَذَا الَّذِي ذكره أَبُو الْفضل من قَول حبيب فَلَقَد بَين حبيب وَفسّر وأجمل أَبُو الطّيب وَاخْتصرَ وَقَالَ ابْن الأفليلي يُرِيد أَنه الشجاع المتناهي الشجَاعَة فالبخل عِنْده بَاب من الْجُبْن لِأَن من سمح بِنَفسِهِ لم يبخل بكرام مَاله وَهُوَ الْجواد المتناهي الْجُود والجود بِالنَّفسِ غَايَة الْجُود وَمن جاد بِنَفسِهِ لم يجبن عَن عدوه وَمن كَانَ كَذَلِك فالجبن عِنْده بَاب من الْبُخْل فَدلَّ على أَن الشجَاعَة والجود من طَرِيق وَاحِد وَهَذَا مَنْقُول من قَول الآخر

(إِلَى جَوَادٍ يَعُدُّ الجُبنَ مِنْ بَخَلٍ ... وَباسِلٍ بُخْلُهُ يَعْتدُّهُ جُبُنا)

(يَلقى العُفاةَ بِما يَرْجونَ مِنْ أمَلٍ ... قَبْلَ السُّؤَالِ وَلا يَبْغي بِه ثَمَنا)

وَقد بَين مُسلم أَن الشجَاعَة جود بِالنَّفسِ فِي قَوْله

(يَجُودُ بالنَّفْسِ إذَ ضَنَّ البَخيلُ بهَا ... والجُودُ بالنَّفْسِ أقصَى غايةِ الْجُود)

١٦ - الْغَرِيب يعود أَي يرجع والإغذاذ الْإِسْرَاع فِي السّير والمغاذ من الْإِبِل العيوف يعاف المَاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ يفتح الْفتُوح الْعَظِيمَة فَلَا يفخر بهَا ويسرع إِلَيْهَا وَلَا يحتفل لَهَا اسْتِقْلَالا لعظم مَا يَفْعَله وارتفاعا عَن نهب من يَقْصِدهُ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فَإِن قيل كَيفَ يكون مغذا غير محتفل فَالْمَعْنى أَنه غير محتفل عِنْد نَفسه وَإِن كَانَ محتفلاً عِنْد غَيره لِأَن كَبِير الْأَشْيَاء عِنْد غَيره صَغِير عِنْده وَكَذَا نَقله الواحدي حرفا فحرفا

١٧ - الْمَعْنى يُرِيد أَن سيف الدولة قد قرنه الله بالنصر وأمده من عوض بِمَا لَا يمنعهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>