للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ تذيب وَلم يقل تزيل لِأَن الدمع لما كَانَ يذهب بالْحسنِ شَيْئا فَشَيْئًا كَانَ اسْتِعَارَة الإذابة لمثله أحسن وَأَيْضًا لما كَانَ الذوب فِي معنى السيلان وَالْجمع سَائل كَانَ كَأَن الْحسن سَالَ مَعَه وَقيل إِن الْحسن عرض لَا يقبل الإذابة فَقَالَ إِن الدُّمُوع تذيب مَالا يقبل الإذابة فَمَا ظَنك بِمَا يقبلهَا كَيفَ لَا تذيبه

٤ - الْغَرِيب الجثل الشّعْر الْكثير الملتف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الدُّمُوع تصل إِلَى الأَرْض سُودًا لَا متزاجها بالمسك وَحده لِأَن الْجَوَارِي لَا يكتحلن إِلَّا بِهِ وَقد استعملن الْمسك قبل الْمُصِيبَة فَيبقى فِي شعورهن وَهَذِه الدُّمُوع قطرت وَهِي حمر لَا متزاجها بِالدَّمِ ثمَّ غلب عَلَيْهَا سَواد الْمسك فَصَارَت سُودًا وقطرت على الشّعْر لِأَنَّهُنَّ نشرن الشُّعُور وفيهَا مسك فمرت الدُّمُوع بهَا فاسودت من مسكها وَقد نَقله من قَول أبي نواس

(وَقدْ غَلَبَتْها عَبْرَةٌ فَدُمُوعُها ... على خَدَها حُمْرٌ وَفِي نَحْرِها صُفْرُ)

يُرِيد أَنَّهَا اخْتلطت بالطيب وَفِيه زعفران وَأَشَارَ إِلَى أَن بوَاكِيهِ فِي النعم والرفعة مَعَ مَا هن بسبيله من حر الْمُصِيبَة

٥ - الْغَرِيب الأسى الْحزن والطفل الصَّغِير الْمَعْنى يَقُول إِن كنت فِي قبر قد تضمنك ولحد قد سترك فَإِن مثالك فِي الْقلب سَاكن ومحلك فِي الحشى لطيف وَإِن تَكُ طفْلا فِي سنك وصغيرا فِيمَا انصرم من عمرك فَإِن الرزء بك لَيْسَ بالصغير والحزن عَلَيْك لَيْسَ باليسير وَقد نَقله من قَول الآخر

(إنْ تَكُنْ مُتَّ صَغِيراً ... فالأَسَى غَيْرُ صَغِيرِ)

وَمن قَول حبيب

(لَهَا مَنْزِلٌ تَحْتَ الثَّرى وَعَهِدْتُها ... لَهَا مَنْزِلٌ بَينَ الجَوَانِحِ والقَلْبِ)

٦ - الْغَرِيب المخيلة: الحسابة الَّتِي يتَأَكَّد الرَّجَاء فِي مطرها، وَالدّلَالَة بالشئ الصَّادِق مخيلة، وَأَرَادَ بالمخيلة هَا هُنَا: الفراسة الْمَعْنى: يَقُول مثلك لَا يبكي عَلَيْهِ بِقدر سنه لِأَنَّك لم تبلغ مبلغ الرِّجَال فَيُوجب فرط الْبكاء عَلَيْك وَلَكِنَّك يبكى عَلَيْك على قدر أصلك لِأَنَّك من أصل كَبِير

<<  <  ج: ص:  >  >>