حَالِ المَوت، فَشَبَّهَتِ الشَّيءَ بمثلهِ تَشْبيهاً صَادِقاً على مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ فِي مَعَانِيهَا الَّتِي أرادَتْها. فإذَا تأَمَّلْتَ أَشْعارَهَا، وفَتَّشْتَ جَمِيع تَشْبِيهاتها وَجَدْتَها على ضُروبٍ مُخْتَلفةٍ تَتَدرُّجُ أَنواعُهَا فبعضُها أَحسَنُ من بَعْض، وبَعْضُها ألْطَفُ من بَعْض.
فأحْسَنُ التَّشبيهات مَا إِذا عُكِسَ لم يَنْتَقِضْ بل يكونُ كلُّ مُشبَهٍ بصاحبهِ مثلَ صَاحِبهِ، وَيكون صاحِبُه مثلَهُ مُشَبَّهاً بِهِ صُورةً ومَعْنَىً.
ورُبَّمَا أَشْبَهَ الشَّيءُ الشَّيءَ صُورةً وخَالَفَهُ مَعْنَى، ورُبَّمَا أَشبَهَهُ مَعْنَى وخَالَفَهُ صُورةً، ورُبَّما قارَبَهُ وداناه، أَو شامَهُ وأَشْبَهَهُ مَجَازاً لَا حقِيقةً.
فإِذا اتَّفَقَ لَك فِي أَشْعَار العَرَب الَّتِي يُحْتَّجُ بهَا تَشْبيهٌ لَا تَتَلَقَّاه بقَبُولٍ، أَو حكايةٌ تَسْتَغْربُهَا فابْحَثْ عَنهُ ونَقِّر عَن معنَاه فإنَّك لَا تَعْدم أنْ تَجِدَ تَحْتهُ خَبِيئةً إِذا أَثَرْتَهَا عَرَفْتَ فَضْلَ القَومِ بهَا، وعلِمْتَ أنَّهم أَرَقُّ طبعا مِنْ أنْ يَلْفظوا بكلامٍ لَا مَعْنى تحتهُ.
ورُبَّما خَفِيَ عَليْكَ مَذْهَبُهم فِي سَنَنٍ يَسْتَعملُونَهَا بَينهم فِي حَالاتٍ يصفُونَهَا فِي أَشْعارهم فَلَا يُمكِنُك استنباطُ مَا تحتَ حكايَاتِهمْ، وَلَا يُفْهَم مثلُهَا إلَاّ سَمَاعا، فَإِذا وقَفَتَ على مَا أرَادُوهُ لَطُفَ مَوْقِعُ مَا تَسْمَعُهُ من ذَلِك عِنْد فَهْمَكَ.
والكَلامُ الَّذِي لَا مَعْنى لَهُ كالجَسَد الَّذِي لَا رُوحَ فِيهِ كَمَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute