البُخْلَ من الوَاجد القَادرِ أشْنَعُ مِنْهُ من المُضْطَرِّ العَاجِز، والعَفْوُ فِي حَال القُدرةِ أجَلُّ مَوْقِعاً مِنْهُ حَالِ العِجْز، والشَّجاعَةُ فِي حَال مُبارَزَة الأقْران أحْمَدُ مِنْهَا فِي حَال الإحراجِ وَوُقوعِ الضَّرورة، والعِفَّةُ فِي حَال اعتراضِ الشَّهَوات والتَّمكُّن من الهَوَى أفْضَلُ مِنْهَا فِي حَال فُقْدانِ اللَّذاتِ واليَأسِ من نَيْلها، والقَنَاعَةُ فِي حَال تَبَرُّح الدُّنْيَا ومطامِعِها أحْسَنُ مِنْهَا فِي حَال اليَأسِ وانقطاعِ الرَّجَاء مِنْهَا.
وعَلى هَذَا التَّمثيلِ، جَميعُ الخِصَال الَّتِي ذَكَرْناهَا، فاستَعْمَلَتِ العربُ هَذِه الخِلَال وأضْدادَها، ووَصَفَتْ بهَا فِي حَالَيْ المَدْحِ والهِجَاءِ مَعَ وَصْفِ مَا يُسْتَعدُّ بِهِ لَهَا ويُتَهَيَّأَ لاستعَمالهِ فِيهَا، وشَعَّبَتْ مِنْهَا فُنُوناً من القَوْل، وضروباً من الأمْثال، وصُنُوفاً من التَّشْبيهات ستجِدُها على تَفَنُّنِهَا واختلاِف وُجوهِهَا فِي الاختِيَار الَّذِي جَمَعْنَاهُ، فَتَسْلُك فِي ذَلِك مِنْهاجَهُمْ وتحتذي عَليّ مثالهم إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
٨ - (عِيَارُ الشِّعْر)
وعِيَارُ الشّعْر أَن يُورَدَ على الفَهْم الثَّاقب فَمَا قَبِلَهُ واصطفَاهُ فَهُوَ وَافٍ، وَمَا مَجَهُ ونَفَاهُ فَهُوَ ناقِصٌ.
والعِلَّةُ فِي قَبُولِ الفَهْم النَّاقِدِ للشعر الحَسَن الَّذِي يَرِد عَلَيْهِ، ونَفْيهِ للقبيح مِنْهُ، واهتزازهِ لما يَقْبَلهُ، وتَكَرُهِهِ لما يَنْفيهِ، أنَّ كلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute