للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْحَاء مَعَ الْمِيم

النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْحَمد رَأس الشُّكْر مَا شكر الله عبد إِلَّا بِحَمْدِهِ.

حمد الشُّكْر لَا يكون إِلَّا على نعْمَة وَهُوَ مقابلتها قولا وَعَملا وَنِيَّة وَذَلِكَ أَن يثني على الْمُنعم بِلِسَانِهِ ويدئب نَفسه فِي الطَّاعَة لَهُ ويعتقد أَنه ولي النِّعْمَة وَقد جمعهَا الشَّاعِر فِي قَوْله: ... أَفادَتكُم النعماءُ منِّي ثَلَاثَة ... يَدِي ولِسَاني والضمِيرَ المحجَّبا ... وَهُوَ من قَوْلهم: شكرت الْإِبِل: إِذا أَصَابَت مرعى فغزرت عَلَيْهِ وَفرس شكور إِذا عُلف فسمن. وَأما الْحَمد فَهُوَ الْمَدْح وَالْوَصْف بالجميل وَهُوَ شُعْبَة وَاحِدَة من شعب الشُّكْر وَإِنَّمَا كَانَ رَأسه لِأَن فِيهِ إِظْهَار النعم والنداء عَلَيْهَا وَالْإِشَارَة بهَا. فِي كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما بعد فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ. أَي أنهى إِلَيْك أَن الله مَحْمُود. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إنى أَحْمد إِلَيْكُم غسل الإحليل. وَمَعْنَاهُ: أرضاه لكم وأُفضي إِلَيْكُم بِأَنَّهُ فعل مَحْمُود مرضِي. لَقِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَدو فِي بعض مغازيه فَقَالَ حم لَا يُنصرون. وَفِي حَدِيث آخر: إِن بيتم اللَّيْلَة فَقولُوا حم لَا ينْصرُونَ.

حم قيل: إِن حم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَالْمعْنَى اللَّهُمَّ لَا يُنصرون وَفِي هَذَا نظر لِأَن حم لَيْسَ بمذكور فِي أَسمَاء الله المعدودة وَلِأَن أسماءه تقدست مَا مِنْهَا شَيْء إِلَّا وَهُوَ صفة مفصحة عَن ثناءٍ وتمجيد وحم لَيْسَ إِلَّا اسْمِي حرفين من حُرُوف المعجم فَلَا معنى تَحْتَهُ يصلح لِأَن يكون بِهِ تِلْكَ المثابة وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ اسْما كَسَائِر الْأَسْمَاء لوَجَبَ أَن يكون فِي آخِره إِعْرَاب لِأَنَّهُ عارٍ من علل الْبناء أَلا ترى أَن قَاتل مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبيد الله بِمَا جعله اسْما للسورة كَيفَ أعربه فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>