إِن أول مَا يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بِهِ الْإِنْسَان من أَصْنَاف السياسة سياسة نَفسه إِذْ كَانَت نَفسه أقرب الْأَشْيَاء إِلَيْهِ وَأَكْرمهَا عَلَيْهِ وأولاها بعنايته وَلِأَنَّهُ مَتى أحسن سياسة نَفسه لم يعي بِمَا فَوْقهَا من سياسة الْمصر
كَذَلِك من رام سياسة نَفسه ورياضتها وَإِصْلَاح فاسدها لم يحز لَهُ أَن يَبْتَدِئ فِي ذَلِك حَتَّى يعرف جَمِيع مساوئ نَفسه معرفَة مُحِيطَة فَإِنَّهُ إِن أغفل بعض تِلْكَ المساوئ وَهُوَ يرى أَنه قد عَمها بالإصلاح كَانَ كمن يدمل ظَاهر الْكَلم وباطنه مُشْتَمل على الدَّاء وكما أَن الدَّاء إِذا قوى على الإهمال وَطول