وَلما لم يقدر الْإِنْسَان على معرفَة شَيْء سوى مَا شَاهده بحواسه وفهمه بعقله مِمَّا شَاهده لم يجد بدا من وصف البارئ الَّذِي هُوَ سَبَب الْأَسْبَاب والعبارة عَنهُ بِمَا وجد السَّبِيل إِلَيْهِ من الْأَلْفَاظ والأوصاف
فَلَمَّا أَرَادَ الْعبارَة عَنهُ وَالْوَصْف لَهُ وَعلم انه لَا يلْحقهُ شَيْء من جَمِيع الْأَوْصَاف الَّتِي شَاهدهَا وَعلمهَا لِتَفَرُّدِهِ بِذَاتِهِ وَلِأَنَّهُ منزه عَن كل مَا أحسه وعرفه لم يجد طَرِيقا أحسن من أَن ينظر فِي الموجودات الَّتِي لَدَيْهِ فَإِذا تأملها وجدهَا صنفين فَاضلا وخسيسا وَوجد الْأَلْيَق والأجدر بِسَبَب الْأَسْبَاب الْوَاحِد الْحق أَن يُطلق عَلَيْهِ من كل الصِّنْفَيْنِ أفضلهما
مثل أَنه رأى الْمَوْجُود والمعدوم وَعلم أَن الْمَوْجُود أفضل من الْمَعْدُوم فَأطلق القَوْل عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّه مَوْجُود
وَرَأى الْحَيّ وَغير الْحَيّ وَعلم أَن الْحَيّ أفضل من غير الْحَيّ فَأطلق القَوْل عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّه حَيّ