للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فزارني والليل من شهبهِ ... غفلٌ على غفلةِ واشٍ ولاحْ

يبيحني من وجهه روضةً ... ما كانَ في ظنّي بها أن تباحْ

الخدّ قد أطلع ورداً بها ... والثغرُ قد فتّح فيها أقاحْ

وقال:

ما أهملت سحب الدموع الهمّل ... لك منزلاً بينَ الدخولِ فحوملِ

رحلوا بقلب المستهام وغادروا ... بين الضلوع لواعجاً لم ترحلِ

ولقد سبقتُ حداتهم بمدامعي ... حتى جعلت قطارها في الأولِ

ومنها:

فاعذر دموع العين فهي بكيّةٌ ... مما بكت بين الرسوم المثّلِ

وتقسّمتْ عبراتها فرقاً على ... نأي الحبيب ونوء ذاك المنزلِ

ومهفهف يسبيك من أصداغه ... بمسلسلٍ ومن الرضاب بسلسلِ

وقال، وهي مليحةٌ في الغاية ومدحني بها:

لولا غرامك بالألحاظ والمقلِ ... وبالقدود التي تسبيك بالميلِ

ما بتّ ترعى السُّهى شوقاً إلى قمرٍ ... بالقلب لا الطرف ثاوٍ غير منتقلِ

والعيس تحت حدوج الغيد غاديةٌ ... تشكو الكلال من الأحداج والكلل

وقد تغنّى لها الحادي فأطربها ... وهناً على هضبات الرمل بالرملِ

يحملن كل هضيم الكشح ذي هيفٍ ... وكل أحوى رشيق القدّ معتدلِ

إذا سطا قلت شبلٌ من بني أسدٍ ... وإن رنا قلت رامٍ من بني ثعلِ

أبادني طرفه قبل العذول فقل ... تُ السبق للسيف ليس السبق للعذلِ

فعدّ يا صاح عن دمع الكئيب فما ... أطلّه اليوم ما يهمي على طللِ

واستعطف الريح من واد الأراك فقد ... ضنّت على الصبّ بالإبلال والبللِ

قال الفقير إلى رحمة الله تعالى مؤلف هذه الأشعار وجامعها وها أنا أذكر ما سمحت به القريحة من الغزل في أيام الحداثة وزمن الصبا جرياً على عادتي في التنبيه على المواضع التي أخذت منها كما اعتمدت مع الجماعة فمن ذلك قولي:

ما أنجدَ الصبرُ على ... أحبابِ قلبٍ أتهموا

ولا غدتْ عادلة ... يدُ النوى مذ ظلموا

حكمتهم في مهجتي ... فأسرفوا إذ حكموا

فذاب جسمي أسفاً ... وسالَ من عيني دمُ

وشادن من جفنه ... يهدي إليَّ السّقمُ

يلذّ لي في حبه ... تهتكي والتهمُ

أصلُ بلائي في الهوى ... قدٌّ وخدٌّ وفمُ

وصبحُ وجهٍ مشرقٍ ... عليه ليلٌ مظلمُ

ودرّ ثغرٍ عقدهُ ... ملتئمٌ منتظمُ

لا وليال سلفت ... وهي لعمري قسمُ

لا حلتُ عن وجدٍ به ... جرى عليّ القلمُ

هذه أبيات معانيها متداولة وألفاظها مستعملة ومطلعها فيه تخييل غريب وله من الحسن حظ وافر ونصيب.

وقلت من قصيدة في الصاحب الأعظم علاء الدين عز نصره:

قوامك أم غصن من البان ينثني ... وطلعةُ بدر أم سنا وجهك السني

وريقك أمْ خمرٌ يلذّ لشارب ... ونبت عذار نمّ أم نبت سوسنِ

أيا قمراً أثرى من الحسن وجهه ... فاحسبه قد فاز منه بمعدنِ

ظمئتُ إلى ورد بفيه ممنّعٍ ... وملت إلى ورد بوجنته جني

يلوم على حبيه خالٍ من الهوى ... واضرب عمن لام فيه كأنني

وكيف وقد لاح العذار بخده ... أقوم بعذرٍ في تسلية بيّنِ

البيت الثالث سبق محيي الدين إليه وما كنت سمعته حيث قال:

يا موسراً من كل صنفِ ملاحةٍ ... أترى ظفرت من الجمال بمعدن

وأما:

فاضرب عمّن لام فيه كأنني

فهو مثل قول ابن مطروح:

وهواك ما خطر السلوّ بخاطري ... ما دمت في قيد الحياة ولا إذا

وهي أبيات حسنة أولها:

عانقته فسكرت من طيب الشذا ... غصناً رطيباً بالنسيم قد اغتذى

نشوان ما شرب المدام وإنما ... أضحى بخمر رضابه متنبّذا

ومثله لابن مطروح أيضاً، ويقال لغيره:

يقولون من هذا الذي أنت في الهوى ... به كلف يا ربّ لا علموا الذي

وهي قصيدة غراء قل أن يوجد على هذه القافية لها نظير وأولها:

لك الخير عرّج بي على ربعهم فذي ... ربوعٌ يفوحُ المسك من عرفها الشذي

وذا يا كليم الشوق وادٍ مقدسٌ ... لدى الحب فاخلع ليس يمشيه محتذي

وقفنا فسلمنا على كلّ منزلٍ ... تلذذ فيه العين أيّ تلذذِ

ومنها:

<<  <   >  >>