للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يميسُ ويشدو فالأراكةُ رجّحت ... على عودها ورقاء محسنة الغنى

فتثني إليه كلّ قلب إذا شدا ... ويثني عليه كلُّ غصنٍ إذا انثنى

وأصبح من وجه الغزالةِ إذ بدا ... وأملح من لحظ الغزال إذا رنا

غدا جفنهُ والخصر منه وعهدهُ ... وجسميَ كلٌّ يشتكي سورة الضنا

يُطاع وإن عاصى ويُدني وإن نأى ... ويهوى وإن عادى ويعذرُ إن جنى

رآنيَ محنيّ الضلوعِ على جوًى ... فما رقَّ لي مما ألاقي ولا حنا

وقال، رحمه الله:

أدمشقُ لا زالتْ تجودُك ديمةٌ ... يزهو بها زهرُ الرياضِ ويونقُ

أهوى لك السقيا وإن ضنَّ الحيا ... أغناك عنه وماؤك المتدفقُ

ويودّ قلبي لو تصحّ لي المنى ... أني أنال بك المقام وأُرزقُ

وإذا امرؤٌ كانت ربوعك حظّه ... من سائر الأمصار فهو موفّقُ

أنَّى التفتَ فجدولٌ متسلسلٌ ... أو جنةٌ مرضيّةٌ أو جوسقُ

وإذا رأيتَ الغصنَ ترقصه الصبا ... طرباً رأيتَ الماء وهو يصفّقُ

وترى من الغزلان في ميدانها ... فرقاً أسود الغيل منها تفرقُ

والقاصدون إليه إمَّا شائقٌ ... متنزهٌ أو عاشقٌ متشوقُ

لا تكذبنَّ فما اللذاذة والهوى ... ومواطن الأفراح إلاّ جلّقُ

وقال المجد بن الظهير:

هذا الربيع وإنه ... عمر الفتى وزمانهُ

زمن يروقك حسنهُ ... ويشوق نفسك شانهُ

قد زخرفت جنّاتهُ ... وتصندلت غدرانهُ

وألمّ بالدوح النسي ... م أريجةٌ أردانهُ

فتجاوبت أطيارهُ ... وتحركتْ أفنانهُ

والعود أصبح مزهراً ... ورق الحمام قيانهُ

وشدا الحمام بدوحه ... فتمايلت أغصانهُ

فكأنَّ ألحان الغري ... ض ومعبدٍ ألحانهُ

وقال:

قم فانتهز فرص السرور ولا تبع ... زمن الصبا واللهو بيعةَ خاسرِ

وافتْكَ أيامُ الربيعِ منيرةً ... ساعاتها بشموس زهرٍ ناضرِ

والأرض قد لبست ملاءة سندسٍ ... تثني على نوءِ الغمام الباكرِ

نسجتْ لها أيدي السحاب مطارفاً ... موشيّةً من كلّ لونٍ باهرِ

من أحمر باك وأبيض باسمٍ ... أو أصفر شاكٍ وأخضر شاكرِ

قد شقّ لطم القطر خدّ شقيقه ... وحبت عليه يد السحاب الماطرِ

والجدول الريَّان حُفّ بنرجسٍ ... يرنو إليك بطرف ظبي فاترِ

وإذا سهام القطر جاءته اغتدى ... متحصناً من وقعها بمغافرِ

والدّوح خُصّ بنوح طيرٍ في ذرى ... أشجاره بلغاتهِ متشاجرِ

فاشرب على وجه الربيع مدامةً ... قد قلّدت في كأسها بجواهرِ

جليت فنقطها المزاج بلؤلؤ ... متساقطٍ من كأسه متناثرِ

يغنيك عن ضوء النهار شعاعها ... كالشمس في فلك السرور الدائرِ

وقال:

ضحك الروض من بكاء الغمام ... فاجلُ بنت الكروم بين الكرامِ

فجميل خلع العذار وقد ح ... رّك عطف القضيب سجع الحمامِ

في زمانٍ أيامهُ ولياليه ... لها دولة على الأيامِ

ورياضٍ أنيقةٍ من أقاحٍ ... وعرارٍ ونرجسٍ وثمامِ

وبهار يحكي اصفرار محبّ ... وشقيق مثل الخدود الدوامي

وغدير صافٍ كدمعةِ سروٍ ... وصقيلٍ يحكيه متن الحسامِ

يلبس الزعف والمغافر إنْ ... وافته ريح ووابل كالسهامِ

يا مضيعاً زمانَه بالأماني ... قم بحقّ الربيع حقّ القيامِ

واغتنم غفلة الحوادث واشرب ... غير مستكبر لكوبٍ وجامِ

من كميت راقت ورقّت فما ... تدرك لطفاً بالفكر والأوهامِ

أودعتها الدنان أيدي أناس ... عتَّقوها من قبل سامٍ وحامِ

ثمَّ أبقت منها السنون كما ... أبقى الهوى من حشاشةِ المستهامِ

فهي في دنِّها المزفّت تحكي ... درّةً مستنيرة في ظلامِ

ذات خدرٍ مصونة العرض خفّت ... في هواها رواجح الأحلامِ

وقال:

وروضٍ عَرفهُ يشك ... ر عُرف البرق والرعدِ

وأنفاس خُزاماه ... كنشر المسك والندِّ

وسبط الزهر منثور ... على جدوله الجعدِ

أرقنا في نواحيه ... دم الزق على عمدِ

وبتنا نتعاطى خم ... رةً حمراءَ كالوردِ

<<  <   >  >>