كالجثة المصبرة، عديمة الحس والحراك، وكان هذا شأنهم أيضاً في الأقاليم الخصبية وقتئذ، الواقعة في الجهات الشمالية من أفريقيا التي انتزعوها من أيدي الفنداليين.
لقد كانت دولتا العالم، دولة الفرس في الشرق، ودولة الرومان في الغرب، في تنازع وتجالد مستمر.. دماء بين العالمين مسفوكة، وقوى منهوكة، وأموال هالكة، وظلم من الاحن حالكة..
ومع ذلك فقد كان الزهو والترف، والإسراف والفخفخة، والتفنن في الملاذ بالغة جداً ما لا يوصف في قصور السلاطين والأفراد والقواد، ورؤساء الأديان من كل أمة، وكان شره هذه الطبقة من الأمم لا يقف عند حد، فزادوا في الضرائب، وبالغوا في فرض الإتاوات حتى أثقلوا ظهور الرعية بمطالبهم، وأتوا على ما في أيديها من ثمرات أعمالها، وانحصر سلطان القوى في اختطاف ما بيد الضعيف، وفكر العاقل في الاحتيال لسلب الغافل، وتبع ذلك أن استولى على تلك الشعوب ضروب من الفقر، والذل، والاستكانة، والخوف، والاضطراب، لفقد الأمن على الأرواح والأموال١.
يوضح هذه الصورة المحزنة لحال العالم قبيل البعثة الأستاذ أبو الحسن