للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والمقصود إذا كانت هذه الجمادات قد فطرت على معرفة ربها وتسبيحه وتنزيهه، والإنسان أشرف منها، فلأن يفطر على معرفته بربه بطريق الأولى والأحرى، لما ركب فيه من العقل والتمييز والفطنة"، إلى أن يقول: " وهذا الهدهد طير من الطيور، وفي نظرنا عديم العقل، يصيح كغيره من الطيور، قد خاطب سليمان بأعظم التوحيد، وأعلمه بغير ذلك، فقال: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} إلى قوله: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ١، هذا كله كلام الهدهد، كما اتفق على ذلك المفسرون"٢ا.?.

ومن هذا يتبين لنا أنّ وجود الله تعالى أمر فطر في النفوس البشرية، وأنّ الميل والانحراف إنّما يكون عند تغير الفطرة وفسادها، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الإقرار بالخالق وكماله، يكون فطرياً في حق من سلمت فطرته، وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة الكثيرة، وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من النّاس، عند تغير الفطرة وأحوال تعرض لها"٣.


١ سورة النمل الآيات: ٢٢-٢٦.
٢ مجموعة الرسائل الكبرى ٢/٣٤٠-٣٤٤.
٣ مجموع الفتاوى ٦/٧٣، وما تقرر هنا من أن وجود الخالق أمر فطري في النفوس البشرية، وأن الانحراف أمر طارئ عليها.. هو ما قرره الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين ١/١٤٤، وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة ٢/٢٠٢ وعزاه إلى الجمهور، وابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان ٢/١٥٧-١٥٨.
وانظر: منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان للدكتور علي ناصر فقيهي ص: ٤٠ الطبعة الأولى ١٤٠٥?.

<<  <  ج: ص:  >  >>