للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما، وكانا شابين قد أسلما لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها، ويتلفانها ويتخذانها حطباً للأرامل، ليعتبر قومهما بذلك، ويرتأوا لأنفسهم، فكان لعمرو بن الجموح -وكان سيداً في قومه- صنم يعبده ويطيبه، فكانا يجيئان في الليل، فينكسانه على رأسه، ويلطخانه بالعذرة، فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به، فيغسله ويطيبه، ويضع عنده سيفاً ويقول له: انتصر، ثم يعدوان لمثل ذلك، ويعود إلى صنيعه أيضاً، حتى أخذاه مرة فقرناه مع كلب ميت، ودلياه في حبل في بئر هناك، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك، نظر فعلم أنَّ ما كان عليه من الدين باطل، وقال:

والله لو كنت إلهاً لم تكن ... أنت وكلب وسط بئر في قرن

أف لملقاك إلهاً مستدن ... الآن فتشناك عن سوء الغبن

الحمد لله العلي ذي المنن ... الواهب الرازق ديان الدين

هو الذي أنقذني من قبل أن ... أكون في ظلمة قبر مرتهن

بأحمد المهدي النبي المرتهن "١.

وقد اتخذت بنو حنيفة صنماً من حلوى، فعبدوه دهراً طويلاً، ثم أدركتهم مجاعة، فأكلوه، وفيهم يقول الشاعر:


١ انظر: سيرة ابن هشام ١/٤٥٣، وتفسير ابن كثير ٢/٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>