للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف٣٣] .وإنما الواجب في مثل ذلك التوقف ومعرفة المعنى المراد فإن أراد به معنى حقاً قبل وغير اللفظ إلى ما يتفق مع الشرع حتى يؤمن اللبس وإن أريد معنى باطل رد لفظه ومعناه وهذا مثل ما ينفيه المتكلمون من الجهة والمكان والجسم ونحوها، فإن أريد بالجهة والمكان جهة السفل أو مكان يحوي الله عز وجل فهذا معنى باطل مردود، وإن أريد بالجهة العلو أو المكان فوق العرش فهذا معنى ثابت لله عز وجل ولكن يغير اللفظ إلى العلو والاستواء على العرش ليؤمن اللبس، وكذلك الجسم إن قصد به جسم مركب من الأعضاء فهذا معنى باطل وإن أريد به الذات الموصوفة بالصفات فهذا حق ثابت لله عز وجل بالأدلة فيثبت المعنى وينفى اللفظ حتى يؤمن اللبس١.

٣ - أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فلا يفرق بين صفات الله عز وجل فيثبت منها شيء وينفى منها شيء كما هو الحال بالنسبة للمتكلمين يثبتون ما يتفق مع قواعدهم المبتدعة وينفون ما عداها، بل الواجب إثبات الصفات الواردة في الكتاب والسنة بأجمعها ومن أثبت شيئاً ونفى شيئاً آخر فقد آمن ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر والحجة قائمة عليه فيما أثبت على ما نفى.

٤ - أن الواجب في نصوص القرآن والسنة خاصة في الصفات إجراؤها على ظاهرها اللائق بالله عز وجل وعدم تحريف معناها بما يمنع وصفه بها سبحانه لأنه لا مجال للرأي فيها.

وقد سبق أن بينا أن الله غيب عنا فمعرفته سبحانه متوسطة بالوحي، والوحي من هذا قد أتى بأكمل العلم وأتمه فقد ورد فيه من التعريف بالله من ناحية صفاته وأفعاله الشيء الكثير جداً مما لم يحوجنا إلى قول أحد بعد قوله سبحانه وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا الوحي جاء للتعليم والبيان والإيمان ومن صفاته اللازمة له الوضوح والظهور فليس فيه ألغاز ولا تعمية إلى ما نحن نحتاج إليه من ديننا قال جل


١ مجموع الفتاوى ٣/٤١-٤٢، القواعد المثلى ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>