للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: - المتكلمون]

المتكلمون لما عزلوا الشرع الشريف عن أن يكون مصدرهم في توحيد الله عز وجل، وجعلوا مصدرهم في ذلك العقل أو المسائل العقلية المقررة في علم الكلام المستوردة من فلاسفة اليونان الوثنيين، ضلوا في هذا الباب ضلالاً بعيدا.

فمن يقرأ الكتب الموسومة بأنها أصول الدين أو قواعد العقائد أو المطالب العالية من العلم الإلهي، ونحو ذلك من كتب المتكلمين يرى أنها تقرر نوعين من التوحيد فقط، وهما:

توحيد الربوبية والأسماء والصفات، أما توحيد الألوهية فتهمله تمام الإهمال، فلا يذكرونه جملة وتفصيلا، مع أنهم في تقريرهم لتوحيد الربوبية والأسماء والصفات أخطأوا أخطاءً بليغة، أثمرت لهم الانحراف الذي هم عليه في تلك العقائد. وهذا منهج عام سلكه سائر المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية.

فمن أقوالهم في بيان المراد بالتوحيد وما يدخل فيه من الأنواع:

قول عبد الجبار الهمذاني المعتزلي، المتوفى سنة٤١٥هـ يقول عن التوحيد في اصطلاح المتكلمين: "هو العلم بأن الله تعالى واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفياً وإثباتاً على الحد الذي يستحقه والإقرار به"

وقال الجويني الأشعري المتوفى سنة٤٧٨هـ: "وإذا أحاط العاقل بحدث العالم واستبان أن له صانعاً، فيتعين عليه بعد ذلك النظر في ثلاثة أصول يحتوي أحدها على ذكر ما يجب لله تعالى من الصفات، والثاني يشتمل على ذكر ما يستحيل عليه، والثالث ينطوي على ذكر ما يجوز من أحكامه، وتنصرم بذكر هذه الأصول قواعد العقائد". ٢


١ شرح الأصول الخمسة ص١٢٨.
٢ الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد ص٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>