للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأشعرية والماتريدية فيطلقون هذا الوصف على كل من أثبت شيئا من الصفات الذاتية التي ينكرونها مثل الوجه واليد والقدم. وكذلك الصفات الفعلية التي ينكرونها أيضا جملة وتفصيلا وذلك مثل العلو والاستواء والإتيان والغضب والرضى ونحو ذلك، ويزعمون أن من وصف الله بشيء من ذلك فقد جسم الله ومثله وشبهه ووصفه بصفات الحدوث والنقص١.

ولا شك أن كل ذلك من الضلال والانحراف: لأن الله عز وجل قد أثبت لنفسه الصفات وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم, ونفى الله عن نفسه التمثيل في مثل قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى١١] فعلم أن المثبت إنما وافق القرآن ثم إنه إذا صرح بنفي التمثيل والتشبيه بين صفات الخالق وصفات المخلوق. فبأي وجه يطلق عليه أنه مشبه أو ممثل وهو ينفيه ويرده ويبطله، كما نفاه الله وأبطله. لا شك أن ذلك من الكذب على مثبتة الصفات من السلف ومن وافقهم ومن الاعتداء والظلم لهم بوصفهم بهذه الصفات الشنيعة، وهذا إنما هو من التشنيع عليهم بالباطل والمعطلة أحق بهذا التشنيع والوصف كما قال

أبو حاتم الرازي رحمه الله: "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الأثر وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة" ثم قال: "ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء" ٢.

منهج الممثلة:

يتضح من منهج الممثلة على العموم أنهم يرون أن ما ورد عن الله عز وجل أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم من النصوص الدالة على الصفات إنما هو على ظاهرها الذي يعرف عن المخلوقات. فاعتبروا الصفات من جنس صفات المخلوقين فقالوا


١ انظر الإرشاد للجويني ص٥٨.
٢ شرح أصول اعتقاد أهل السنة ١/١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>