الإنسان القوة التي يغلب على ظنه بها الغلبة, أما إذا لم يكن لديه القوة التي يتمكن بها من ذلك فإنه لا يخرج،لأنه بخروجه يستعدي الحاكم بما معه من قوة عليه وعلى أهل دينه،فيكون ذلك سبباً في الهلاك والدمار بدون فائدة، وذلك لأن إزالة الحاكم الكافر هو من إزالة المنكر وإزالة المنكر منوطة بالقدرة والاستطاعة وأن لا يترتب على ذلك منكر أكبر منه فإن ذلك لا يجوز.
فيجب عند ذلك الصبر عليه حتى يريح الله منه, أو يجد المسلمون القوة التي يزيلونه بها.
ومما يدل على وجوب الصبر على الحاكم إذا كان كافراً وليس عند المسلمين قدرة يزيلونه بها أدلة عديدة منها:
١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش في مكة بعد البعثة ثلاثة عشر عاماً أذاقه فيها المشركون ألوان العذاب،كما أذاقوا أصحابه أصنافاً من العذاب بل قتلوا بعض أصحابه وخرج آخرون منهم من بلادهم فراراً بدينهم، وكل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم صابر محتسب حتى انتقل إلى المدينة وتكونت لديه القوة فعندها قاتل الكفرة.
٢ - قصة موسى مع الطاغية فرعون فإن موسى عليه السلام بعد أن أظهر الآيات الدالة على نبوته أبى فرعون قبول ذلك بل توعد موسى عليه السلام وقومه بما حكاه الله عز وجل بقوله:{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}[الأعراف١٢٧] فكان جواب موسى عليه السلام وتوجيهه لقومه بالصبر قال عز وجل: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الأعراف١٢٨] . فبناءً على ذلك جعل الله لهم العاقبة بصبرهم على الأذى في الله عز وجل قال عز وجل:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}[الأعراف١٣٧] .