للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم يغلون في هذا غلوا شديدا حتى قد يعدون ما ليس ذنب ذنباً، كما فعلوا مع عثمان رضي الله عنه فكفروه بأمور أخذوها عليه وعلى ولاته هي في حقيقتها ليست ذنبا فضلا عن أن تكون كفرا، وكذلك فعلوا مع علي رضي الله عنه فكفروه في مسألة التحكيم وخرجوا عليه مع أن الحق كان معه فيما فعل, وليس عليه فيما فعل ذنب فضلا عن أن يكون كفراً.

ومنهم من يكفر من لا يخرج معهم ولا يكون في معسكرهم وهم يرون أن من كفروه فهو في النار خالدا مخلدا فيها أبدا١.

والإباضية من الخوارج يسمون مرتكب الكبيرة كافر نعمة وكافر نفاق ويجرون عليه أحكام الموحدين في الدنيا أما في الآخرة فحكمه الخلود في نار جهنم لا يخرج منها أبداً ولا تقبل فيه شفاعة٢.

واحتج الخوارج لقولهم بالتكفير بأدلة منها:

قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن٢] ، فزعموا أن الله ذكر أن الناس فريقان كافر ومؤمن.

واستدلوا أيضا بقوله عز وجل: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون١٠٢, ١٠٣] , فدل ذلك على أن كل من يدخل النار لا بد أن يكون كافرا ٣.

وكذلك قوله – صلى الله عليه وسلم - "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ٤ ونحوهما ويستدلون لذلك أيضا بأن الإيمان كل لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب


١ انظر مقالات الإسلاميين ١/١٦٧-١٧٠، الخوارج في العصر الأموي ص ١٩٥
٢ الإباضية عقيدة ومذهبا ص ١٢١، الحق الدامغ لأحمد الخليلي ص ١٩١، مختصر تاريخ الإباضية لأبي الريع الباروني ص ٦٥.
٣ مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص٣٣٧.
٤ أخرجه البخاري في كتاب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه ١/١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>