للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشق الثاني: بيان بطلان استدلالهم بما استدلوا به.

الرد على استدلالهم بالآية الأولى، بأن يقال: إن الآية نصت على أن الناس صنفان مؤمنون وكفار، ومرتكب الكبيرة لا نعده من الكفار بل هو من المؤمنين وإن كان ناقص الإيمان فإنه لم يخرج عن دائرة الإيمان بما سبق ذكره من الأدلة.

أما الآية الثانية، فإن من خفت موازينه بالكفر بدليل أن الله تبارك وتعالى ذكر في آخر الآية علة خفة موازينهم ودخولهم النار بقوله: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون١٠٥] , وأهل الكبائر ليسوا من المكذبين لآيات الله عز وجل.

أما الأحاديث الوارد فيها إطلاق لفظ الكفر على بعض الأعمال فليس المراد به الكفر المخرج من الملة وإنما هو كفر دون كفر، وقد سبق ذكر الدليل على أن الشارع أطلق مثل هذه الألفاظ على بعض الأعمال، ولم يقصد بها الكفر المخرج من الملة.

أما قولهم: بأن الإيمان كل لا يتجزأ فإذا ذهب بعضه ذهب كله: فهذه حجة غير صحيحة لأن الإيمان مركب من أجزاء وشعب، وزوال الاسم في المركبات على وجهين:

منها ما يكون التركيب شرطاً في إطلاق الاسم، مثل اسم العشرة, شرط في إطلاق الاسم على ما يتكون من عشرة أجزاء،إذا نقصت عن العشرة زال عنها اسم العشرة وصارت تسعة أو ثمانية.

ومنها ما يكون التركيب ليس شرطا في إطلاق الاسم بل يبقى الاسم بعد زوال بعض الأجزاء، وأكثر المركبات من هذا النوع مثل المكيلات والموزونات فالحنطة وهي بعد النقص حنطة وكذلك التراب والماء لا يتغير اسمه بالنقص.

واسم الإيمان من هذا النوع، فلا يلزم من زوال بعض شعبه زوال الاسم بالكلية وذلك مثل الصلاة والحج فإنه إذا نقص يعض أعمالها لا يلزم بطلانها وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>