للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة الرابعة: خلق الأعمال:

والمراد بخلق الأعمال أن الله عز وجل كما أنه هو الخالق جل وعلا لذوات العباد وأجسادهم, فهو كذلك خالق لأعمالهم وأفعالهم, بل كل ما في الوجود من حركة وسكون وقول وفعل إنما هو خلق الله عز وجل, والدليل على ذلك قوله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر ٦٢]

فهذه الآية عامة في خلق الله لكل شيء, وقال عز وجل: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات ٩٦]

وقال جل وعلا: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك ١٣, ١٤]

فهذه الآية صريحة أيضاً في أن الله خالق لأقوال العباد التي يسرون بها والتي يجهرون بها, كما أنه خالق لما في الصدور من الإرادات والحب والبغض وغير ذلك، حيث علل الله عز وجل علمه بكل ذلك بأنه خالقه, فكيف لا يعلمه.

ومن الأدلة في ذلك قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم ٢٢]

واختلاف الألسن المراد به اللغات, وقد نص الله عز وجل على أنه خالقها, حيث عطفها على خلق السموات والأرض.

وقوله عز وجل: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم ٤٣]

فالله عز وجل هو الذي أضحك الإنسان, والإنسان هو الضاحك, والله عز وجل أبكاه, والإنسان هو الباكي.

وقوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس ٢٢]

فالتسيير خلق الله عز وجل, والسير فعل العبد, فالله عز وجل المسّير والعبد هو السائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>