للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض ولا خلق أنفسهم، كما لم يأخذوا قولهم هذا عن مخبر صادق، فبالتالي لا يعدو أن يكون ظناً وتخمينا.

٢ - إن ما ذكروه في وصفهم لله تبارك وتعالى كلام فاسد لا يعدو أن يكون إثبات شيء ليس هو بشيء. وذلك يتضح من وجوه:

أولاً – قولهم إن الله تعالى عقل، وذلك يعني أن الله فكر أو فكرة أو شيء معقول ويعقل ويعقل. وهذا كله إثبات معنى بدون ذات، وهو أمر لا يعقل ولا يفهم، إنما المفهوم منه أنه لا ذات له جل وعلا، وكل مالا ذات له في الحقيقة لا وجود له أو لا وجود له بنفسه، بل يكون قائماً في غيره، أو صادراً عن غيره، مثل الأفكار والكلام، فهذه معاني تقوم بغيرها ولا تقوم بنفسها.

ثانياً – قولهم بأنه واحد أو أوحد إنما مرادهم بذلك نفي صفاته، وهذا تعطيل له ونفي لوجوده، لأن كل موجود لابد أن يوصف بالصفات، فإذا نفيت عنه الصفات فذلك نفي لوجوده.

ثالثاً – قولهم إنه لا يتغير معناه نفي لفعله وتشبيه له بالمعدوم أو الجماد، فإن الذي لا يتغير هو الذي لا يفعل، لأن الفعل يلزم منه التغير، بمعنى أنه يريد ويأمر وينهى إلى غير ذلك. أما إذا كان لا يتغير فمعنى ذلك أنه جماد أو معدوم وحاشاه تعالى من ذلك.

رابعاً – قولهم إنه لا يتحرك فيه نفي لحياته، لأن فرق مابين الحي والميت الحركة، فالشيء الذي لا يتحرك هو الميت.

خامساً – قولهم إنه محرك لغيره بدون أن يتحرك كلام غير صحيح، ولا يمكن وجوده مع دعاويهم السابقة التي تضمنت نفي ذاته ونفي فعله ونفي حياته، فكيف يمكن أن يقال عنه إنه محرك لغيره وهو لا ذات ولا صفات ولا فعل ولا حياة. ولو دقق الإنسان في هذا لبان له وظهر أنهم ينفون وجوده فالمعدوم كاسمه لا يمكن أن يوجد شيئاً ولا أن يؤثر في شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>