وخلاصتها فهم أكمل الناس عقلا, وأعدلهم قياسا, وأصوبهم رأيا, وأصحهم نظرا, وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلا وأتمهم فراسة ... " ثم قال "ص٢٣":
"وإذا قابلنا بين الطائفتين -أهل الحديث وأهل الكلام- فالذي يعيب بعض أهل الحديث وأهل الجماعة بحشو القول إنما يعيبهم بقلة المعرفة أو بقلة الفهم.
أما الأول فبأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة وموضوعة, أو بآثار لا تصلح للاحتجاج.
وأما الثاني: فبأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة, بل قد يقولون القولين المتناقضين, ولا يهتدون للخروج من ذلك. والأمر راجع إلى شيئين: إما رواية "الأصل: زيادة" أقوال غير مفيدة يظن أنها مفيدة كالأحاديث الموضوعة, وإما أقوال مفيدة لكنهم لا يفهمونها إذا كان إتباع الحديث يحتاج أولا إلى صحة الحديث وثانيا إلى فهم معناه كإتباع القرآن والجهل يدخل عليهم من ترك إحدى المقدمتين ومن عابهم من الناس فإنما يعيبهم بهذا.
ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم, يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الأصول والفروع وبآثار مفتعلة وحكايات غير صحيحة ويذكرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه وربما تأولوه على غير تأويله ووضعوه على غير موضعه.
ثم إنهم بهذا المنقول الضعيف والمعقول السخيف قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواما من أعيان الأمة ويجهلونهم, ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأ مغفورا وقد يكون منكرا من القول وزورا, وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات. فهذا لا يذكره إلا جاهل أوظالم وقد رأيت لهذا عجائب.
لكنهم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل, ولا