" وغضب العلماء لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف ... ".
ثم ذكر أشخاصا آخرين ممن سلموا بهذا الأثر غير من تقدم, فإذا أنت فرغت من قراءة هذا, قلت: لقد رجع الشيخ من إنكاره إلى التسليم به, لأنه قال: إنه لا يقال إلا بتوقيف! ولكن سرعان ما تراه يستدرك على ذلك بقوله بعد سطور:
"ولكن ثبت في "الصحاح" أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم".
قلت: وهذا هو الحق في تفسير المقام المحمود دون شك ولا ريب للأحاديث التي أشار إليها المصنف رحمه الله تعالى, وهو الذي صححه الإمام ابن جرير في "تفسيره""١٥/ ٩٩" ثم القرطبي "١٠/ ٣٠٩" وهو الذي لم يذكر الحافظ ابن كثير غيره, وساق الأحاديث المشار إليها. بل هو الثابت عند مجاهد نفسه من طريقين عنه عند ابن جرير. وذاك الأثر عنه ليس له طريق معتبر, فقد ذكر المؤلف "ص١٢٥" أنه روي عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وعطاء بن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد ". قلت: والأولان مختلطان والآخران ضعيفان بل الأخير متروك متهم.
ولست أدري ما الذي منع المصنف -عفا الله عنه- من الاستقرار على هذا القول, وعلى جزمه بأن هذا الأثر منكر كما تقدم عنه, فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل, وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى, وهذا مما لم يرد, فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل, ولذلك ترى المؤلف رحمه الله أنكر على من قال ممن جاء بعد القرون الثلاثة: إن الله استوى استواء استقرار" كما تراه في ترجمة "١٤٠ - أبو أحمد القصاب ". وصرح في ترجمة "١٦١-