و"الاستيعاب" و"العلم" والتصانيف النفيسة -لما انتهى إلى شرح حديث النزول من الموطأ:
"هذا حديث صحيح لم يختلف أهل الحديث في صحته، وفيه دليل على أن الله تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات، كما قال الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة، وهذا أشهر عند العامة والخاصة، وأعرف من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته، لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم".
٣٢٧- وقال أبو عمر أيضاً١:
"أجمع علماء الصحابة والتابعين الذي حمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} : هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله".
٣٠٣- قلت: في هذا النص رد صريح لما ذهب إليه الإمام الشوكاني في آخر "تحفته""ص٩٥-٩٦" المجموعة المنيرية ج٢" أن تأويل هذه الآية وآية {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} بالمعية العلمية إنما هو شعبة من شعب التأويل المخالف لمذهب السلف وما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم.
كذا قال، وكأنه لم يقف على هذا النص من الحافظ ابن عبد البر، ولا على ما سبق من القول عن الأئمة الفحول كسفيان الثوري ومالك ومقاتل بن حيان الذي فسروا الآيتين بمثل ما نقل ابن عبد البر إجماع الصحابة ومن بعدهم عليه، فلا تغتر إذن بما زعمه الشوكاني من المخالفة، فإن لكل عالم زلة، ولك جواد كبوة.
٣٢٨- وقال أيضاً: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لم يكيفوا شيئاً من ذلك، وأما
١ أي في شرح "الموطأ" له كما قيده المؤلف في "الأربعين" له "ق١٧٩/ ١".