أديبا غير متأثر بموقف صاحبه الكوثري منه, ولكنه -مع الأسف تغلب عليه أثر الصحبة, فأخذ يطعن في عقيدة ابن تيمية, ولكن تلويحا لا تصريحا كما يفعل صاحبه وينسب إليه صراحة ما لم يقله كما تقدم بيانه, ولا أقول إنه فعل ذلك عمدا كصاحبه لا وإنما أتي من سوء فهمه لكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. ومما يؤكد ذلك قوله عقب ما سبق نقله من كلامه الذي فيه "وعلى ذلك يكون ابن تيمية قد فر من التأويل ليقع في تأويل آخر ... ". فقال "ص٢٧٧":
" ثم ما المآل وما الغاية من التفسير الظاهري أيؤدي إلى معرفة حقيقة أم لا يؤدي إلا إلى متاهات أخرى إنه يقول "يعني ابن تيمية": إن الحقيقة غير معروفة فيقول: إن الله له وجه غير معروفة الماهية ... وله استواء غير معروف الماهية, ويد ... و
إننا بلا شك إذا فسرنا تلك المعاني "كذا قال ولعله سبق قلم, وإنما أراد الألفاظ" بتفسيرات لا تجعلنا نحمله على مجهولات يكون ذلك التفسير أحرى بالقبول, ما دامت اللغة تتسع له وما دام المجاز بينا فيها, كتفسير اليد بمعنى القوة أو النقمة, والاستواء بمعنى السلطان الكامل, وتفسير النزول
بفيوض النعم الإلهية إلخ, ولا يعترض بأمن ذلك ليس فيه أخذ بالظاهر, لأن الذي اختاره ليس فيه أخذ بالظاهر"!
كذا قال, ولو أردنا أن نبين ما تحته من الخطأ والبعد عن جادة الصواب الذي لا يجوز أن يقع فيه عالم مثله لطال بنا المقام أكثر مما تتحمله هذه المقدمة ولكني أقول للشيخ كلمة موجزة:
ألا يكفيك يا فضيلة الشيخ مآلا وغاية أن تفهم أن الاستواء هو صفة لله غير صفة النزول, وأن هذه الصفة غير صفة السيطرة والإنعام وهكذا, كما يكفيك -فيما أرجو- أن تعتقد أن صفة السمع غير صفة البصر وأنهما غير صفة العلم وأن لا تعطلهما وتنكر وجودهما بتأويلك إياهما بما يعود إلى أن المراد بهما