بادرنا إلى نشر كتاب الذهبي هذا الذي بين يديك لتعلم به ما قد يكون خافيا عليك كما خفي على غيرك, فكان ذلك سببا قويا من أسباب الابتعاد عن العقيدة السلفية والطريقة المحمدية.
قال الحافظ الخطيب رحمه الله تعالى:
" أما الكلام في الصفات؛ فإن ما روي منها في السنن الصحاح؛ مذهب السلف رضوان الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها, ونفي الكيفية والتشبيه عنها. وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه. وحققها من المثبتين قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف. والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ودين الله بين الغالي فيه والمقصر عنه.
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع علي الكلام في الذات ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية, فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله تعالى يد, وسمع, وبصر؛ فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه, ولا نقول: أن معنى اليد القدرة, ولا إن معنى السمع والبصر العلم, ولا
نقول: إنها جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تبارك وتعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقوله عز وجل {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} .
ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث ولبسوا على من ضعف علمه بأنهم يروون ما لا يليق بالتوحيد ولا يصح في الدين, ورموهم بكفر أهل التشبيه, وغفلة أهل التعطيل أجيبوا بأن في كتاب الله تعالى آيات محكمات يفهم منها المراد بظاهرها, وآيات متشابهات لا يوقف على معناها