صدده, وإنما الغرض إبطال تلك الخرافة في الفروع فقط! والنصح بتثقيف الشباب المسلم في دينه أصولا وفروعا على ضوء الكتاب والسنة, ونهج
السلف الصالح.
وإني لن أنسى -ما حييت- تلك المناقشة التي كانت جرت منذ نحو عشر سنين في المدينة المنورة بيني وبين أحد الخطباء والوعاظ, الذين يحبون أن يتصدروا المجالس, ويستقلوا بالكلام فيها, فقد دخل علينا نحن في سهرة لطيفة جمعت نخبة طيبة من طلاب العلم من السلفيين أمثالي, فلم يقم له أحد من الجالسين سوى صاحب الدار مرحبا ومستقبلا, فصافح الشيخ الجالسين جميعا واحدا بعد واحد, مبتدئا بالأيمن فالأيمن, فأعجبني ذلك منه, حتى انتهى إلي وكنت آخرهم مجلسا, ولكني رأيت وقرأت في وجهه عدم الرضى بتركهم القيام له, فأحببت أن ألطف وقع ذلك عليه فبادرته متلطفا معه بقولي وهو يصافحني: عزيز بدون قيام يا أستاذ, كما يقولون عندنا بالشام في مثل هذه المناسبة, فأجاب وهو يجلس وملامح الغضب بادية عليه -بما معناه:
لا شك أن القيام للداخل إكراما وتعظيما ليس من السنة في شيء, وأنا موافق لك على ذلك ولكننا في زمن أحاطت فيه الفتن بالمسلمين من كل جانب, وهي فتن تمس الإيمان والعقيدة في الصميم. ثم أفاض في شرح ذلك, وذكر الملاحدة والشيوعيين والقوميين وغيرهم من الكافرين فيجب أن نتحد اليوم جميعنا لمحاربة هؤلاء ودفع خطرهم عن المسلمين, وأن ندع البحث والجدال في الأمور الخلافية كمسألة القيام والتوسل ونحوهما!
فقلت: رويدك يا حضرة الشيخ, فإن لكل مقام مقالا, فنحن الآن معك في مثل هذه السهرية الأخوية لم نجتمع فيها لبحث خاص, ولا لوضع الخطة لمعالجة المسائل الهامة من الرد على الشيوعيين وغيرهم, وأنت ما كدت تجلس بعد ثم إن طلبك ترك البحث في الأمور الخلافية هكذا على الإطلاق, لا أظنك تقصده, لأن الخلاف يشمل حتى المسائل الاعتقادية, وحتى في معنى شهادة أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فأنت تعلم أن أكثر المشايخ اليوم يجيزون الاستغاثة بغير