وجائز أن يكون جمعًا، ولكنهم ضعفاء جميعًا، فمع هذه الاحتمالات لا يمكن أن تطمئن النفس لقَبول حديثهم هذا، لا سيّما في مثل هذا الحدث العظيم الذي يمسّ المقام الكريم، فلا جَرَم تتابع العلماء على إنكارها، بل التنديد ببطلانها، ولا وجه لذلك من جهة الرواية إلا ما ذكرنا، وإن كنت لم أقف على من صرّح بذلك كما ذكرت آنفًا. قال الفخر الرازي في "تفسيره ٦/١٩٣":
"روي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة١ أنه سئل عن هذه القصة؟ فقال: "هذا من وضع الزنادقة"، وصنّف فيه كتابًا. وقال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: "هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل" ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعون فيهم، وأيضًا: فقد روى البخاري في "صحيحه" أن
١ هو الإمام ابن خُزَيمة صاحب "الصحيح" المعروف به، وقد تبع الفخر في عزو هذا الكلام لابن خزيمة المحقق الشوكاني في "فتح القدير" "٣/٤٤٧". وأما ابن حيان فعزاه في تفسيره "البحر" لمحمد ابن إسحاق جامع "السيرة النبوية". وتبعه الآلوسي في تفسيره "١٧/١٦١". والأرجح عندي الأول لأن الحافظ ابن حجر ذكر في "الفتح: ٨/٣٥٤" تبعًا لابن كثير أن ابن إسحاق روى هذه القصة في "السيرة" مطولًا، فهذا يُبعِد نسبة ذلك القول إليه، ولو كان له، لنبّه عليه الحافظ عقب ذلك والله أعلم.