إن الشيطان هو الذي ألقى ذلك في سكتة النبي صلى الله عليه وسلم بين الآيتين، محاكيًا نغمة النبي صلى الله عليه وسلم وأشاع ذلك المشركون عنه صلى الله عليه وسلم، ولم يقدح ذلك عند المسلمين لحفظه السورة قبل ذلك على ما أنزلها الله، وتحققهم من حال النبي صلى الله عليه وسلم في ذمّ الأوثان وعيبها على ما عرف منه، وقد حكى موسى بن عُقبة في مغازيه نحو هذا وقال:"إن المسلمين لم يسمعوها، وإنما ألقى الشيطان ذلك في أسماع المشركين وقلوبهم"١ ويكون ما روي من حزن النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الإشاعة والشبهة وسبب هذه الفتنه.
ردُّ الحافظ على ابن العربي والقاضي عِياض وتعقبنا عليه:
وأما قول الحافظ في "الفتح" بعد أن نقل خلاصة عن الوجوه التي تقدمت عن الإمامين المذكورَيْن في إعلال القصة وتوهينها:
"وجميع ذلك لا يتمشى على قواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دلّ ذلك على أن لها أصلًا، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض".
١ قلت: ونحوه في رواية عروة "رقم ٦ ص ٢٤- ٢٥"، وإن كان في آخرها ما يخالف هذا وقد نقلت رواية موسى بن عقبه عن ابن كثير فيما تقدم "ص ١٩".