للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأقول: إن هذا الجواب ليس بالقوي على إطلاقه لما بيَّنّا فيما تقدم أن تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس قاعدة مضطردة، نعم من ذهب إلى الاحتجاج بالمرسل مطلقًا أو عند اعتضاده، ففي الجواب رد قوي عليه، كالقاضي عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة١ أما نحن فهو غير وارد علينا لما أوردنا من الاحتمالات التي تمنع الاحتجاج بالحديث المرسل ولو من غير وجه، ولعل هذا مذهب الحافظ ابن كثير حيث قال عند تفسيره للآية السابقة "٣/٢٢٩":

"قد ذكر كثير من المفسرين ها هنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظنًا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح".

فإن ابن كثير يعلم أن بعض هذه المراسيل التي أشار إليها أسانيدها صحيحة إلى مُرْسِلها، فلو كان بعضها يعضد بعضًا عنده وتقوي القصة بذلك، لما ضعفها بحجة أنه لم يرها مسندة من وجه صحيح وهذا بيِّن لا يخفى ثم إن من الغريب أن الحافظ ابن حجر مع ذهابه إلى تقوية


١ تخريج الكشاف "٤/١١٢"

<<  <   >  >>