للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القصة يرى أن فيها ما يُستنكر وأنه يجب تأويله فيقول بعد كلامه الذي نقلته آنفًا: "وإذا تقرر ذلك تعيَّن تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله: "ألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد في القرآن عمدًا منه، وكذا سهوًا إذا كان مغايرًا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته".

ثم ذكر الحافظ مسالك العلماء في تأويل ذلك، ثم اعتمد على الوجه الأخير منها. وهو الذي نقلناه عن القاضي عياض قبيل هذا الفصل، وقلنا إنه رجَّحه، ثم قال الحافظ: "وهذا أحسن الوجوه، ويؤيِّده ما تقدم في صدر الكلام عن ابن عباس من تفسير تمنَّى بـ"تلا".

فينتج من ذلك أن الحافظ رحمه الله، قد سَّلم أن الشيطان لم يتكلم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الجملة، وإنما ألقاها الشيطان بلسانه في سكتة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يتفق البتة مع القول بصحة القصة، أو أن لها أصلًا، فإن كان يريد بذلك أن لها أصلًا في الجملة، أعني بدون هذه الزيادة، فهذا ليس هو موضع خلاف بينه وبين العلماء الذين ردّ عليهم قولهم ببطلان القصة، وإنما الخلاف في الجملة التي تزعم الروايات أن الشيطان ألقاها

<<  <   >  >>