قوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت" يحتمل أن يريد به القرآن، ويحتمل أن يريد اسم الجنس فيشمل كل كتاب أنزل. قوله: "ونبيك الذي أرسلت" وقع في رواية أبي زيد المروزي "أرسلته" و"أنزلته" بزيادة الضمير فيهما. قوله: "فإن مت مت على الفطرة" في رواية أبي الأحوص عن أبي إسحاق: "من ليلتك"، وفي رواية المسيب بن رافع: "من قالهن ثم مات تحت ليلته". قال الطيبي: فيه إشارة إلى وقوع ذلك قبل أن ينسلخ النهار من الليل وهو تحته، أو المعني بالتحت: أي مت تحت نازل ينزل عليك في ليلتك. وكذا معنى "من" في الرواية الأخرى: أي من أجل ما يحدث في ليلتك. وقوله: "على الفطرة" أي: على الدين القويم ملة إبراهيم؛ فإنه عليه السلام أسلم واستسلم، قال الله تعالى عنه: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} وقال عنه: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وقال: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} . وقال ابن بطال وجماعة: المراد بالفطرة هنا دين الإسلام، هو بمعنى الحديث الآخر: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، قال القرطبي في "المفهم": كذا قال الشيوخ وفيه نظر؛ لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذكرت من التوحيد والتسليم والرضا إلى أن يموت كمن يقول: لا إله إلا الله ممن لم يخطر له شيء من هذه الأمور، فأين فائدة هذه الكلمات العظيمة وتلك المقامات الشريفة؟ ويمكن أن يكون الجواب أن كلا منهما وإن مات على الفطرة فبين الفطرتين ما بين الحالتين، ففطرة المقربين وفطرة الثاني فطرة أصحاب اليمين. قلت: وقع في رواية حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن سعد بن عبيدة في آخره عند أحمد بدل قوله: مات على الفطرة "بني له بيت في الجنة". وهو يؤيد ما ذكره القرطبي، ووقع في آخر الحديث في التوحيد من طريق أبي إسحاق عن البراء: "وإن أصبحت أصبت خيرًا"، وكذا لمسلم والترمذي من طريق ابن عيينة عن أبي إسحاق: "فإن أصبحت أصبحت وقد أصبت خيرًا"، وهو عند مسلم من طريق حصين عن سعد بن عبيدة ولفظه: "وإن أصبح أصاب خيرًا" أي: صلاحًا في المال وزيادة في الأعمال. "فتح ١١/ ١١٤، ١١٥". ١ له ترجمة في سير أعلام النبلاء "١٩/ ٢٤٠" قال الذهبي: الشيخ الصالح الْمُعَمَّر الصدوق، سمع أبا علي بن شاذان ... وسماعه صحيح، وهو من رواة جزء ابن عرفة ... وسماعه صحيح. مات في ٥٠٢، وله تسع وثمانون سنة.