للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الركن الأول]

[مدخل]

...

الركن الأول الصيغة:

والصيغة هي الإيجاب القبول، والإيجاب كما عرفت فيما سبق مأخوذ من أوجب بمعنى أوقع، ويكون من البائع الذي منه التمليك، والقبول وهو ممن يصير له الملك، فإذا قال البائع، بعتك هذا الكتاب بكذا فهذا هو الإيجاب، وإذا قال الطرف الآخر قبلت فهو القبول، وإذا قال المشتري بعني هذا الكتاب بكذا، فقال البائع: بعتك، فالأول القبول، والثاني والإيجاب، فالبائع في عقد البيع هو الموجب دائمًا، والمشتري هو القابل تقدم لفظه أو تأخر١.

فروع:

١- يجوز أن يتقدم لفظ المشتري على لفظ البائع، كما لو قال: بعني هذا العقار بكذا، فإذا كان بلفظ قبلت، فلا يصح؛ لأنه يستدعي شيئا قبله، فلم ينتظم الابتداء به، وبهذا صرح الإمام والأوجه الصحة في لفظ قبلت، كما جزم به الشيخان في النكاح٢ والبيع مثله، وهذا ناظر إلى المعنى والأول ناظر إلى اللفظ.

٢- ولو قال: بعني، فقال: بعتك، انعقد البيع في الأظهر، لدلالة بعني على الرضا، والثاني: لا ينعقد، لاحتمال أن يكون لفظ بعني مرادًا به استبانة الرغبة. والمذهب في النكاح القطع بالصحة، والفرق أن النكاح غالبًا يسبقه خطبة، فيتخلف فيه توجيه مقابل الأظهر٣.

وأشار المصنف بكاف الخطاب في صيغ الإيجاب إلى اعتبار الخطاب فيه، وإسناده لجملة المخاطب، فلا يكفي إسناده إلى بعضه، ولو كان لا يبقى بدونه حتى، ولو أراد التعبير بالجزء عن الجملة مجازًا، بأن قال مثلا: بعت يدك وهذا ما ذهب إليه الأسنوي. أما لو قال: بعت نفسك وأراد الذات صح.

والمعتمد أنه يصح إضافته للجزء، إذا أراد به الكل، ولو كان يعيش بدونه٤


١ ويرى الأحناف أن الإيجاب ما صدر أولا من أحد طرفي العقد بائعا كان، أو مشتريا، والقبول ما صدر ثانيا، وإن كان بائعا؛ لأن الإيجاب عندهم بمعنى الإثبات، فالأول يريد إثبات العقد بانضمام قول الثاني إليه، فيكون القبول معناه الرضا بما قاله الأول.
٢ حاشية الباجوري على ابن قاسم "ج١ ص٣٤١".
٣ قليوبي وعميرة "ج٢ ص١٥٣".
٤ حاشية البجيرمي "ج٢ ص٥".

<<  <   >  >>