للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما إذا دله من كان المال في يده، فلا يستحق شيئا؛ لأن ذلك واجب عليه شرعا، فلا يأخذ عليه عوضا، ومعنى ذلك أنه متى كان الدال، أو الراد غير مكلف استحق العوض المشروط أو المجعول.

وقد أفتى الإمام النووي فيمن حبس ظلما، فبذل مالا لمن يتكلم في خلاصة بجاهه وغيره بأن المال جعالة مباحة، وأخذ العوض في ذلك حلال..، ونقله عن جماعة "ثم قال: وفي ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا".

والصحيح الذي نعلمه أن ذلك رشوة، فيكون تخليص المظلوم عند السلطان، وأخذ العوض عنه ليس جعالة، ولا يستحق عليه أجرا وذلك؛ لأنه إذا كان صاحب جاه يستطيع أن يرفع ظلما وقع على إنسان بجاهه، وجب عليه العمل على رفعه، وهذا من شأنه أن يبطل الجعالة؛ لأنها لا تكون إلا عوضا عما لا يجب على العامل، ومقتضى النصحية، والعمل لإحقاق الحق الذي يلزم كل مسلم يمنع هذه الصورة التي أفتى بها النووي رحمه الله تعالى.

ولأنهم قالوا: إن السعي والعمل، وبذل المجهود مع حصول المقصود توجب الجعالة، وجعلوا إخبار الطبيب للمريض بدوائه عملا تافها لا جهد فيه، ولا سعي، فلا يستحق عليه جعلا، فكيف بمن له جاه يمكن أن يؤثر به في رفع ظلم، أو قضاء مصلحة بدون مشقة أو جهد، أو سعي إلا أن يتفوه بكلمة، فهل يحل له أن يأخذ جعالة؟

إن قياس المذهب والبناء على أصله يمنع ذلك، ولا أعلم في ذلك خلافا في الأصل الذي بنينا عليه؛ لأنه يستمد قوته من قوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين".أما مسألة الطبيب التي أشار إليها، فمراده أن الطبيب لا يستحق أجرا إذا

<<  <   >  >>