في الأرض ينبع منها عين، وتسيل في القناة بأن كان الماء يأتي في تلك القناة إلى تلك البئر، فيجتمع فيها ثم يعلو ويطلع، وهذا النوع من الآبار لا يعرف له وجود إلا في الفيوم.
وحريمها ما لو حفر فيه نقص ماؤها، أو خيف انهيارها أي سقوط حافتيها، ويختلف ذلك بحسب صلابة الأرض، ورخاوتها وإنما لم يعتبر في هذه البئر ما مر في بئر الاستقاء؛ لأن المدار في حفظها على حفظ مائها لا غير، ولهذا بحث الزركشي جواز البناء في حريمها بخلاف حفر البئر فيه، فإنه لا يجوز.
وأما حريم النهر كالنيل، فهو ما تمس الحاجة إليه في الانتفاع به، فيدخل في حريم النهر ما يحتاج إليه لإلقاء الأمتعة، وما يخرج منه عند حفره، أو تنظيفه وحكم هذا أنه يمتنع البناء فيه، فلو بنى فيه شيئا، وجبت إزالته ولو كان الشيء الذي بناه في الحريم مسجدا، ونقل إجماع الأئمة الأربعة على ذلك.
ويعتبر ما ذكر من الحريم حتى ولو بعد الماء بحيث لم يصر من حريمه لاحتمال عود الماء إليه، فإن أيس من عوده جاز وهو الظاهر، ويؤخذ من ذلك أن ما كان حريما لا يزول عنه وصف الحريم بزوال متبوعه ما دام عوده محتملا، وهذا هو المعتمد.
حكم الانتفاع بحريم الأنهار:
أما الانتفاع بحريم الأنهار، فإن فيه اتجاهين:
الاتجاه الأول: إذا كان الانتفاع بحريم الأنهار كحافاتها بوضع الأحمال والأثقال، أو تحويط مكان فيه بقصب ونحوه لحفظ الأمتعة فيه، فهذا ينبغي أن يقال: إن فعله بقصد الانتفاع به، وكان ذلك لا يضر بانتفاع غيره، ولم يضيق