للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما الكتاب، فقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ١، فإن أبا طلحة لما سمعها رغب في وقف ببرحاء أحب أمواله إليه، وبرحاء بفتح الباء وكسرها اسم لماء، أو موضع بالمدينة، وقال الزمخشري في الفائق: إن برحاء على وزن فعلاء من البراح، وهي الأرض الظاهرة، وقال الشوبري: هي حديقة مشهورة وتبعه الأجهوري.

وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} ٢.

وأما السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم في خبر مسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ٣.

والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف، فإن غيره من الصدقات ليست جارية، بل يملك المتصدق عليها أعيانها، ومنافعها ناجزا وأما الوصية بالمنفعة، وإن شملها الحديث فهي نادرة، فحمل الصدقة في الحديث على الوقف أولى.

وقد ذكر الشيخ البجيرمي في حاشيته أنه لا مانع من حمل الصدقة الجارية على بقية العشرة التي ذكروا أنها لا تنقطع بموت ابن آدم، وقد نظمها الجلال السيوطي بقوله:

إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من خصال غير عشر

علوم بثها ودعاء نجل ... وغرس النخل والصدقات تجري

وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر البئر أو إجراء نهر

وبيت الغريب بناء يأوي ... إليه أو بناء محل ذكر

وتعليم لقرآن كريم ... فخذها من أحاديث بحصر


١ من الآية "٩٢" من سورة آل عمران.
٢ من الآية "٢٧٢" من سورة البقرة.
٣ رواه ابن ماجه وابن حبان من طريق أبي قتادة ك "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من بعده" "التلخيص الحبير ج٣ ص٦٨".

<<  <   >  >>