للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأما الذي لا منفعة فيه، فهو كالحشرات والسباع التي لا تصلح للاصطياد، والطيور التي لا تؤكل، ولا تصطاد كالرخصة، والحدأة، وما لا يؤكل من الغراب، فلا يجوز بيعه؛ لأن ما لا منفعة فيه لا قيمة له، فأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل، وبذل العوض فيه من السفه.

وأما ما فيه منفعه، فلا يجوز بيع الحر منه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "قال ربكم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمة خصمته "أي خلجته١ وغلبته" رجل أعطى بي، ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه، ولم يوفه أجره".

وما عدا ذلك من الأعيان الطاهرة المنتفع بها في المأكل والمشرب، والملبس والأراضي والعقارات، فيجوز بيعها، لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على بيعها من غير إنكار٢ على صحة بيع كل ما كان طاهرا، أو أمكن تطهيره بغسله، فلا يصح بيع النجس.

والنجس إما أن يكون نجس العين، أو نجس بملاقاة نجاسة، فأما نجس العين فلا يجوز بيعه، وذلك مثل الكلب والخنزير، والخمر والسرجين٣، وما أشبه ذلك من النجاسات، والأصل فيه ما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة، والخنزير، والأصنام". وروى ابن مسعود وأبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن ثمن الكلب"، فنص على


١ خلجت الشيء خلجها من باب قتل انتزعته، واختلج العضو اضطراب "راجع المصباح المنير ج١ ص٢١٢".
٢ المهذب: لأبي إسحاق الشيرازي "ج١ ص٢٦١-٢٦٢".
٣ السرجين: الزبل وهي كلمة أعجمية فعربت قال الأصمعي: لا أدري كيف أقوله، وإنما أقول: الروث. المصباح المنير ج١ ص٢٢٣.

<<  <   >  >>