للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غسله١ بأن يصب عليه في إناء ماء يغليه، ويحرك بخشبة حتى يصل إلى جميع أجزائه، وهو مردود بحديث الفأرة: فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن الفأرة تموت في السمن. فقال: "إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فأريقوه"، فلو أمكن تطهيره شرعا لم يقل فيه ذلك، وعلى إمكان تطهيره قيل: يصح بيعه قياسا على الثوب المتنجس، والأصح المنع عملا بالحديث الذي سبق ذكره، ويجري الخلاف في بيع الماء النجس؛ لأن تطهيره ممكن بالمكاثرة، وجزم بعضهم بالمنع، وقال: إنه ليس بتطهير بل يستحيل ببلوغه قتلين من صفة النجاسة إلى الطهارة٢، كطهارة الخمر بالتخلل، وجلد الميتة بالدباغ، وقد يقال: هذا قياس مع الفارق؛ لأن الماء من جنس الطاهر بخلاف الخمر٣.

والحاصل أن فيه: قولين ضعيفين: القول بإمكان طهره، والقول بصحة بيعه، والثاني: مبني على الأول.

الشرط الثاني: أن يكون منتفعًا به انتفاعا شرعيا، ولو في المستقبل كالجحش الصغير، فلا يصح بيع ما لا ينتفع به بمجرده وإن تأتي النفع به بضمه إلى غيره كحبتي حنطة، إذ عدم النفع إما للقلة مثل حبتي الحنطة ففيها منفعة، ولكن لا يعتد بها شرعا، ولذا فإنه لا أثر لوضعها في فخ للاصطياد، وإما أن يكون عدم النفع راجع إلى الخسة كالحشرات الضارة، وهي دواب الأرض كالحية والعقرب والفأرة، إذ لا نفع فيها يقابل بمال أي لا


١ المهذب لأبي إسحاق الشيرازي "ج١ ص٢٦٢".
٢ قليوبي وعميرة "ج٢ ص١٥٧".
٣ حاشية البجيرمي "ج٢ ص٢١".

<<  <   >  >>