فأما الذهب والفضة، فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة، وهي أنهما من جنس الأثمان، فيحرم الربا فيهما، ولا يحرم فيما سواهما من الأموال كالحديد والنحاس والرصاص، والفلوس إذا راجت رواج النقود، ولا ربا كذلك في المواد التجارية كلها من قطن، وكتان وصوف وغزل وغيرها، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا، ومؤجلا ولا خلاف في شيء من ذلك إلا وجها حكاه المتولى والرافعي، ولا فرق في النقدين أن يكون مضروبا أو غير مضروب، فلا يصح أن يشتري جنيهين بثلاثة لأجل، أو مقابضة كما لا يصح أن يشتري قطعة مصنوعة من الذهب، زنتها عشرة مثاقيل بقطعة زنتها ثلاثة عشر؛ لأن مبادلة الجنس بمثله يشترط فيه ثلاثة شروط: التماثل والحلول، والتقابض قبل التفرق، فإن اختلفت الأجناس جاء التفاضل، واشترط الحلول والتقابض، وأما الأعيان الأربعة الباقية ففيها قولان: قال في الجديد: العلة فيها أنها مطعومة. والطعام اسم لكل ما يطعم، فعلى هذا يحرم الربا في كل ما يطعم، وهو يشمل ثلاثة أمور:
أحدهما: أن يكون للقوت كالبر والشعير والمقصود منهما التقوت، والحق بهما ما يشاركهما في ذلك كالأرز والذرة، وغير ذلك مما جرت عادة الناس بتحصيلة لأكل الآدميين بشراء أو زراعة، أو إدخار أو غير ذلك، واختلف في الماء العذب، فقيل: إنه يلحق بالقوت؛ لأنه ضروري للبدن، وقد أطلق الله عليه أنه طعام قال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} ١، وقيل: إنه مصلح للبدن، فهو ملحق بالتداوي.
والثاني: التفكه والتأدم، والتفكه هي الفاكهة، والحلاوات، والتأدم